بأحب الرجلين إليك: إما أبو جهل بن هشام وإما عمر بن الخطاب [ (١) ] ، وإنا نرجو أن تكون دعوة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم.
فلما عرفوا الصدق منى قالوا: في بيت بأسفل الصفا، فخرجت حتى قرعت البيت عليهم، فقالوا: من هذا؟ قلت: ابن الخطاب، قال: وقد علموا من شدتي على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، وما يعلمون بإسلامي- فما اجترأ أحد بفتح الباب حتى قال: افتح له إن يرد اللَّه به خيرا بهذه، فقال: خلوا عنه، ثم أخذ بمجامع قميصي، ثم جذبني إليه، ثم قال: أسلم يا ابن الخطاب، اللَّهمّ اهده.
فقلت: أشهد أن لا إله إلا اللَّه وان محمدا عبده ورسوله، فكبر المسلمون تكبيرة سمعت بفجاج مكة، وكانوا مستخفين، فلم أشأ أن أرى رجلا يضرب، فيضرب إلا رأيته، ولا يصيبني من ذلك شيء فخرجت حتى جئت خالي- وكان شريفا- فقرعت عليه الباب، فقال: من هذا؟ فقلت: ابن الخطاب، فخرج إليّ فقلت: قد علمت أنى صبوت؟ قال: أوقد فعلت؟ قلت نعم، قال: لا تفعل، فقلت: قد فعلت، فدخل وأجاف الباب دوني.
فقلت: ما هذا شيء فذهبت إلى رجل من عظماء قريش، فناديته، فخرج إلي فقلت: مثل مقالتي لخالي، وقال مثل ما قال، ودخل وأجاف الباب دوني.
فقلت في نفسي ما هذا شيء إن المسلمين يضربون وأنا لا أضرب، فقال رجل: أتحب ان يعلم بإسلامك؟ قلت نعم، قال: فإذا جلس الناس في الحجر، فأت فلان- لرجل لا يكتم السر- فقل له فيما بينك وبينه: إني صبوت فإنه قل ما يكتم السر.
قال: فجئت، وقد اجتمع الناس في الحجر، فقلت فيما بيني وبينه إني قد صبوت، قال: أو فعلت؟ [قلت] نعم، قال: فنادى بأعلى صوته: إن ابن الخطاب قد صبأ، فبادروا إليّ أولئك الناس، فما زلت أضربهم ويضربونني، واجتمع على الناس، قال خالي: ما هذه الجماعة؟ قيل: عمر بن الخطاب قد صبأ.
[ (١) ] (مسند أحمد) ٢/ ٢٢٦، حديث رقم (٥٦٦٣) ، (سنن الترمذي) : ٥/ ٥٧٦، كتاب المناقب، باب (١٨) في مناقب عمر بن الخطاب رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه، حديث رقم (٣٦٨١) .