للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووضع الأوس فيهم السلاح، ثم كفوا عنهم. وأما حضير الكتائب فمات من جراحته، وأحرق الأوس دور الخزرج ونخيلهم.

وخرج الترمذي من حديث الفضل بن موسى، عن عيسى بن عبيد، عن غيلان بن عبد اللَّه، عن أبى زرعة بن عمرو بن جرير بن عبد اللَّه رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: إن اللَّه أوحى إليّ أي هؤلاء الثلاثة نزلت، فهي دار هجرتك: المدينة، أو البحرين، أو قنسرين [ (١) ]

قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الفضل بن موسى [ (٢) ] .

وقال موسى بن عقبة، عن ابن شهاب قال، فلما اشتدوا على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم والمسلمين، أمرهم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم [بالخروج] إلى المدينة، فخرجوا


[ (١) ] قنسرين: بكسر أوله وفتح ثانيه وتشديده- وقد كسره قوم- ثم سين مهملة. وسبب تسميتها بذلك أن ميسرة بن مسروق العبسيّ مرّ عليها فلما نظر إليها قال: ما هذه؟ فسميت له بالرومية، فقال: واللَّه لكأنها قين نسر، فسميت قنسرين، وقيل غير ذلك.
وكان فتح قنسرين على يد أبى عبيدة بن الجراح رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه في سنة (١٧) ، وكانت حمص وقنسرين شيئا واحدا، قال أحمد بن يحيى: سار أبو عبيدة بن الجراح بعد فراغه من اليرموك إلى حمص، فاستقر بها، ثم أتى قنسرين وعلى مقدمته خالد بن الوليد، فقاتله أهل مدينة قنسرين، ثم لجئوا إلى حصنهم، وطلبوا الصلح، فصالحهم، وغلب المسلمون على أرضها وقراها.
وكانت قنسرين مدينة بينها وبين حلب مرحلة من جهة حمص، بقرب العواصم، وبعضهم يدخل قنسرين في العواصم، وكانت عامرة آهلة إلى أن كانت سنة (٣٥١) وغلبت الروم على مدينة حلب فليس بها اليوم إلا خان ينزله القوافل وعشار السلطان، وفريضة صغيرة.
وكان خراب قنسرين في سنة (٣٥٥) قبل موت سيف الدولة بأشهر. كان قد خرج إليها ملك الروم، وعجز سيف الدولة عن لقائه فأمال عنه، فجاء إلى قنسرين وخربها، وأحرق مساجدها، ولم تعمر بعد ذلك، وحاضرة قنسرين بلدة باقية إلى الآن.
[ (٢) ] (سنن الترمذي) : ٥/ ٦٧٨، كتاب المناقب، باب (٦٨) في فضل المدينة، حديث رقم (٣٩٢٣) .