للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: حدثني نافع عن عبد اللَّه ابن عمر، عن أبيه عمر بن الخطاب رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهما قال: لما اجتمعنا للحرة، اتعدت أنا وعباس بن أبى ربيعة، وهشام بن العاص بن وائل، وقلنا: الميعاد بيننا القاصب [ (١) ] من أضاة بنى غفار، فمن أصبح منكم لم يأتها فقد حبس، فليمض صاحباه، فأصبحت أنا وعباس بن أبى ربيعة، وحبس عنا هشام، وفتن فافتتن.

وقدمنا المدينة، و [كنا] نقول: ما اللَّه يقبل من هؤلاء توبة، قوم عرفوا اللَّه وآمنوا به، وصدقوا رسوله، ثم رجعوا عن ذلك، لبلاء أصابهم من الدنيا، وكانوا يقولونه لأنفسهم، فأنزل اللَّه عز وجل فيهم: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ [إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ] [ (٢) ] .

قال عمر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه: فكتبتها بيدي كتابا، ثم بعثت بها إلى هشام بن العاص، فقال هشام: فلما قدمت على، خرجت بها إلى ذي طوى، فجعلت أصعدها، وأصوب لأفهمها، فقلت: اللَّهمّ فهمنيها، فعرفت أنها أنزلت فينا، لما كنا نقول في أنفسنا، ويقال فينا. فرجعت، فجلست على بعيري، فلحقت برسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فقتل هشام شهيدا بأجنادين [ (٣) ] ، في ولاية أبى بكر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه.


[ (١) ] كذا في الأصل، ولم أجد لها توجيها.
[ (٢) ] الزمر: ٥٣.
[ (٣) ] هو هشام بن العاص السهمي، الرجل الصالح المجاهد، ابن أخت أبى جهل، وهي أم حرملة المخزومية، وقد مضى
قول رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: ابنا العاص مؤمنان.
قال ابن سعد: كان هشام قديم الإسلام بمكة، وهاجر إلى الحبشة، ثم رد إلى مكة إذ بلغه أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قد هاجر ليلحق به فحبسه قومه بمكة. ثم قدم بعد الخندق مهاجرا وشهد ما بعدها.
قال ابن عيينة: قالوا العمرو بن العاص: أنت خير أم أخوك هشام؟ قال: أخبركم عنى وعنه، عرضنا أنفسنا على اللَّه فكلنا نسأل اللَّه الشهادة يوم اليرموك، فلما أصبحنا حرمتها