وأصلحنا ذات بيننا، قال [الشيخ] النجدي: لا، واللَّه ما هذا لكم برأي، أما رأيتم حلاوة منطقه، وحسن حديثه، وغلبته على ما يلقاه، دون من خالفه، واللَّه لكأنّي به إن فعلتم ذلك، قد دخل على قبيلة من قبائل العرب، فأصفقت معه على رأيه، ثم سار بهم إليكم، حتى بطأكم بهم، فلا واللَّه ما هذا لكم برأي.
فقال أبو جهل بن هشام: واللَّه إن لي فيه لرأيا، ما أراكم وقعتم عليه، قالوا: وما هو؟ قال: أرى أن تأخذوا من كل قبيلة من قريش غلاما، فتيا، جلدا، نسيبا، وسيطا، ثم تعطوهم شفارا صارمة، ثم يجتمعوا، فيضربوه ضربة رجل واحد، فإذا قتلتموه، تفرق دمه في القبائل، فلم تدر عبد مناف بعد ذلك ما تصنع، يقعوا على حرب قومهم، فإنما قصرهم عند ذلك أن يأخذوا العقل، [فتؤدونه] لهم، قال الشيخ النجدي: للَّه در الفتى، هذا هو الرأى، وإلا فلا شيء، فتفرقوا على ذلك واجتمعوا له، وأتى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم الخبر، وأمر أن لا ينام على فراشه تلك الليلة، فلم يبت حيث كان يبيت، وبيت عليا رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه في مضجعه.
وقال ابن إسحاق، عن عبد اللَّه بن أبى نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: وحدثني الكلبي عن باذان، مولى أم هانئ، عن عبد اللَّه بن عباس رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهما، أن نفرا من قريش، من أشراف كل قبيلة، اجتمعوا، فذكر معنى هذه القصة، إلى أن قال: فأتى جبريل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فأمره أن لا يبيت في مضجعه الّذي كان يبيت فيه، وأخبره بمكر القوم، فلم يبت في بيته تلك الليلة.
وأذن اللَّه عز وجل عند ذلك بالخروج، وأنزل عليه بعد قدومه المدينة في [سورة] الأنفال يذكر نعمته عليه، وبلاءه عنده: صلّى اللَّه عليه وسلّم وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ