للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشيء الثاني: أن خلافة الصديق، رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، وإن علمت بالضرورة، فالخلافة من الوقائع الحادثة، ليست حكما شرعيا، والّذي يكفر جاحده إذا كان معلوما بالضرورة، إنما هو الحكم الشرعي، لأنه من الدين، كالصلاة، والزكاة، والحج، لأنه لا يلزم من جحده، تكذيب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وهذا محل يجب التمهل [فيه] والنظر، نعم، وجوب الطاعة وما أشبهه حكم شرعي يتعلق بالخلافة.

قال: فإن قلت: قد جزم- يعنى القاضي حسين- في كتاب (الشهادات) بفسق سابّ الصحابة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهم، ولم يحك فيه خلافا، وكذلك ابن الصباغ في (الشامل) ، وغيره.

وحكوه عن الشافعيّ، رحمه اللَّه، فيكون ذلك ترجيحا لعدم الكفر، قلت: لا، وهما مسألتان المسألة المذكورة في (الشهادات) في السب المجرد دون التكفير وهو موجب لفسق، ولا فرق في الحكم بالفسق بين ساب أبى بكر، [وغيره من] أعلام الصحابة، رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهم.

والمسألة المذكورة في كلام القاضي حسين، في كتاب (الصلاة) - في الابتداء في ساب الشيخين [ (١) ] ، أو الحسنين [ (٢) ] ، رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهم، وهي محل الوجهين في الكفر، أو الفسق، ولا مانع من أن يكون سب مطلق [الصحابة] رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهم موجبا للفسق، وسب بهذا الصحابي مختلف في كونه موجبا للفسق أو الكفر.

وأما المسألة الثالثة. وهي تكفير أبى بكر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، ونظرائه من الصحابة، رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهم، فهذه لم يتكلم فيها أصحابنا في كتاب (الشهادات) ولا في كتاب (الصلاة) ، وهي مسألتنا، والّذي أراه، أنه موجب للكفر قطعا، عملا بمقتضى الحديث المذكور.


[ (١) ] الشيخان: في السيرة: أبو بكر وعمر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهما، وفي الحديث: البخاري ومسلم، وفي الشعر الحديث: أحمد شوقي، وحافظ إبراهيم.
[ (٢) ] الحسنان: الحسن والحسين سبطي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم.