النطاة يومه إلى الليل، فإن أمسى رجع إلى الرجيع، وكل من خرج من المسلمين يحمل على العسكر.
واستعمل عمر بن الخطاب رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه على الحرس، وذلك أنه كان يناوب بين أصحابه في حراسة الليل، مدة مقامه بالرجيع، فلما كانت الليلة السادسة من السبع استعمل عمر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، فطاف عمر بأصحابه حول العسكر، وفرقهم، فأتى برجل من اليهود في جوف الليل، فأمر به عمر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه أن يضرب عنقه، فقال: اذهب بى إلى نبيكم حتى أكلمه، فأمسك عنه، وأتى به إلى باب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم [فوجده] يصلى، فسمع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم كلام عمر، فسلم، وأدخله عليه، فدخل اليهودي، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم لليهودي: ما وراءك؟ ومن أين أنت؟ فقال تؤمني يا أبا القاسم وأنا أصدقك، قال: نعم، فقال: خرجت من حصن النطاة، من عند قوم ليس لهم نظام [تركتهم] يتسللون من الحصن في هذه الليلة، قال: فأين يذهبون؟ قال: أذل مما كانوا فيه إلى الشق، وقد رغبوا منك، حتى إن أفئدتهم لتخفق، وهنا حصن فيه السلاح، والطعام، والودك، وفيه آلة حصونهم التي كانوا يقاتل بها بعضهم بعضا، قد غيبوا ذلك في بيت من حصنهم تحت الأرض.
قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وما هو؟ قال: منجنيق مفككة، وسلاح ودروع، وبيض، وسيوف، فإذا دخلت الحصن غدا، وأنت تدخله، قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: إن شاء اللَّه، قال اليهودي: إن شاء اللَّه، أوقعك عليه، فإنه لا يعرفه أحد من اليهود غيري، وأخرى، قال: ما هي؟ قال: تستخرجه ثم انصب المنجنيق على حصن الشق، ويدخل الرجال تحت [الدبابتين] فيحفروا الحصن، فتفتحه من يومك، وكذلك تفعل بحصون الكتيبة.
فقال [رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم] : إني أحسبه قد صدق، قال اليهودي: يا أبا القاسم: احقن دمي، قال: أنت آمن، قال: ولي زوجة في حصن النزار فهبها لي، قال: هي لك، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: ما لليهود حولوا ذراريهم من النطاة؟ قال: جردوها للمقاتلة،