في غزاة الفتح قديدا، لقيته سليم في تسعمائة أو في ألف فارس، فجعل معهم خالد بن الوليد في المقدمة، حتى نزلوا مر الظهران معه، فكان أول من قدم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم خالدا في بنى سليم، وهم ألف، فيهم لواء يحمله عباس بن مرداس، ولواء يحمله خفاف بن ندبة، وراية يحملها آخر، [فلم يزل] خالد بهم في المقدمة، حتى ورد الجعرانة بعد فتح مكة.
وروى أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم جعل يوم الفتح على المجنة اليمنى، خالد بن الوليد، وعلى المجنة اليسرى الزبير بن العوام، رضى اللَّه تبارك وتعالى [عنهما] ، وعلى الساقة، أبو عبيدة بن الجراح، رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه ذكره مسلم.
واستعمل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أبا عامر، بن قيس، وقيل: عبد الرحمن، وقيل: عبيد، وقيل عباد بن قيس، وهو أخو أبى موسى الأشعري رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، وذلك أن المشركين لما انهزموا بحنين، عسكر منهم طائفة بأوطاس، فبعث رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في آثارهم أبا عامر الأشعري، وعقد له لواء، وكان معه في ذلك البعث سلمة بن الأكوع، وكان يحدث ويقول: لما انهزمت هوازن عسكروا بأوطاس عسكرا، فإذاهم ممتنعون، فبرز رجل منهم فقال: من يبارز، فبرز له رجل معلم، فبرز له أبو عامر فقتله، فلما كان العاشر، برز له رجل معتم بعمامة صفراء، فقال أبو عامر: اللَّهمّ اشهد، فقال الرجل: اللَّهمّ لا تشهد فضرب أبا عامر فأثبته، فاحتملناه وبه رمق.
واستخلف أبو موسى الأشعري، فأخبر أبو عامر [أبا موسى، أن قاتله صاحب العمامة الصفراء. وأوصى أبو عامر إلى أبى موسى، ودفع إليه الراية وقال: ادفع فرسي وسلاحي إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فقاتلهم أبو موسى حتى فتح اللَّه عليه، وقتل قاتل أبى عامر، وجاء بسلاحه وبذلته إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم،
وقال: إن أبا عامر أمرنى بذلك، وقال: قل لرسول اللَّه يستغفر لي، فقام رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فصلى ركعتين ثم قال: اللَّهمّ اغفر لأبى عامر، واجعله من أعلى أمتى إلى الجنة، وأمر بتركته [فبعثت] إلى أبيه، فقال أبو موسى:
يا رسول اللَّه إني أعلم أن اللَّه قد غفر لأبى عامر وقتل شهيدا فادع اللَّه لي، فقال: