للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما خرج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: ما تقولون في صاحبيكم هذين دعوهما. فإن لهما مثلا، مثل أبى بكر كمثل ميكائيل ينزل برضاء اللَّه، وعفوه عن عباده، ومثله في الأنبياء كمثل إبراهيم كان ألين على قومه من العسل. أوقد له قومه النار فطرحوه فيها. فما زاد على أن قال: أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ [ (١) ] ، وقال: فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [ (٢) ] ، ومثله مثل عيسى، إذ يقول: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [ (٣) ] ومثل عمر في الملائكة كمثل جبريل ينزل بالسخط من اللَّه والنقمة على [عباد] اللَّه، ومثله في الأنبياء كمثل نوح، كان أشد على قومه من الحجارة. إذ يقول رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً [ (٤) ] . فدعى عليهم دعوة أغرق اللَّه الأرض جميعها، ومثل موسى إذ يقول: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ [ (٥) ] ، وإن بكم عيلة، فلا يفوتكم رجلا من هؤلاء إلا بفداء أو ضربة عنق، فقال عبد اللَّه بن مسعود رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه يا رسول اللَّه: إلا سهيل بن بيضاء [قال ابن واقد: هذا وهم، سهيل بن بيضاء من مهاجرة الحبشة فما شهد بدرا، إنما هو أخ له يقال له [سهل] [ (٦) ] فإنّي رأيته يظهر الإسلام بمكة. فسكت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فقال عبد


[ (١) ] الأنبياء: ٦٧.
[ (٢) ] إبراهيم: ٣٦.
[ (٣) ] المائدة: ١١٨.
[ (٤) ] نوح: ٢٦.
[ (٥) ] يونس: ٨٨.
[ (٦) ] من بنى الحارث بن فهر وهو سهيل بن وهب بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث وهو من العشرة الأوائل الذين هاجروا إلى الحبشة وكان عليهم عثمان بن مظعون (سيرة ابن هشام) ٢/ ١٦٥ وذكره ابن هشام أيضا فيمن ذكر ممن هاجروا من بنى الحارث (المرجع السابق) :
٢/ ١٧٢. وذكره ابن إسحاق أيضا في العائدين من أرض الحبشة من بنى الحارث (المرجع