للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل اللَّه عز وجل: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ [ (١) ] قال أبو زميل: فحدثني ابن عباس قال: بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه، وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم، فنظر إلى المشرك أمامه، فخر مستلقيا، فنظر إليه، فإذا هو قد حطم أنفه، وشق، كضربة السوط، فاخضرّ ذلك أجمع،

فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فقال: صدقت، ذلك من مدد السماء الثالثة، فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين.

قال أبو زميل: قال ابن عباس: فلما أسروا الأسارى، قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم لأبى بكر وعمر: ما ترون في هؤلاء الأسارى؟ فقال أبو بكر: يا نبي اللَّه، هم بنو العم والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار، فعسى اللَّه أن يهديهم، للإسلام فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: ما ترى يا ابن الخطاب؟ قلت: لا واللَّه يا رسول اللَّه، ما أرى الّذي رأى أبو بكر، ولكنى أرى أن تمكنا فتضرب أعناقهم، فتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكنني من فلان «نسيبا لعمر» فأضرب عنقه، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها، فهوى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ما قال أبو بكر، ولم يهو ما قال عمر، فلما كان من الغد، جئت فإذا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وأبو بكر قاعدين يبكيان، قلت:

يا رسول اللَّه، أخبرنى من أي شيء تبكى أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: أبكى للذي عرض على أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عرض على عذابهم أدنى هذه


[ (١) ] الأنفال: ٩.
وأخرجه أيضا أبو داود في الجهاد، باب في فداء الأسير بالمال مختصرا وسياق هذا الحديث مضطربا في (الأصل) وأثبتناه من (صحيح مسلم) .