فلما أبوا إلا الخروج صلّى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم الجمعة بالناس، ثم وعظ الناس وأمرهم بالجد والجهاد، وأخبرهم أن لهم النصر ما صبروا، ففرح الناس بذلك حيث أعلمهم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بالشخوص إلى عدوهم، وكره ذلك المخرج بشر كثير من أصحاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وأمرهم بالتهيؤ لعدوهم، ثم صلّى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم العصر بالناس، وقد حشد الناس وحضر أهل العوالي، ورفعوا النساء في الآطام. فحضرت بنو عمرو بن عوف ولفها، والنبيت ولفها، وتلبث السلاح.
فدخل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بيته، ودخل معه أبو بكر وعمر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهما، فعمماه ولبساه، وصف الناس له ما بين حجرته إلى منبره، ينتظرون خروجه. فجاءهم سعد بن معاذ وأسيد بن حضير فقالا: قلتم لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ما قلتم واستكرهتموه على الخروج، والأمر ينزل عليه من السماء، فردوا الأمر، إليه فما أمركم، فافعلوه وما رأيتم له فيه هوى أو رأى فأطيعوه.
فبينا القوم على ذلك من الأمر، وبعض القوم يقول: القول ما قال سعد، وبعضهم على البصيرة على الشخوص، وبعضهم للخروج كاره، إذا خرج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قد لبس لأمته، وقد لبس الدرع فأظهرها، وحزم وسطها بمنطقة من حمائل سيف من أدم، كانت عند آل أبى رافع مولى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بعد، واعتم، وتقلد السيف.
فلما خرج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ندموا جميعا على ما صنعوا، وقال الذين يلحون على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: ما كان لنا أن نلح على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في أمر يهوي خلافه. وندّمهم أهل الرأي الذين كانوا يشيرون بالمقام،
فقالوا: يا رسول اللَّه ما كان لنا أن نخالفك فاصنع ما بدا لك، وما كان لنا أن نستكرهك والأمر إلى اللَّه ثم إليك، فقال: قد دعوتكم إلى هذا الحديث فأبيتم، ولا ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم اللَّه بينه وبين أعدائه. وكانت الأنبياء قبله إذا لبس النبي لأمته لم يضعها حتى يحكم اللَّه بينه وبين أعدائه. ثم قال