للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليكونن الأمر فيها دون سائر العرب، مع أنى أرى أمر محمد أمرا ظاهرا.

واللَّه، لقد كان أحبار يهود خيبر وأنهم يحدثون أنهم يجدون في كتبهم أنه يبعث نبي من الحرم على صفته.

قال عيينة: أنا واللَّه ما جئنا. ننصر قريشا ولو استنصرنا قريشا ما نصرتنا ولا خرجت معنا من حرمها، ولكنى كنت أطمع أن نأخذ تمر المدينة فيكون لنا به ذكر مع ما لنا فيه من منفعة الغنيمة، مع أنا ننصر حلفاءنا من اليهود فهم جلبونا إلى ما هاهنا. قال الحارث قد واللَّه أبت الأوس والخزرج إلا السيف، واللَّه لتقاتلن عن هذا السعف، ما بقي منها رجل مقيم، وقد أجدب الجناب، وهلك الحباب وهلك الخف والكراع. قال عيينة لا شيء.

فلما أتيا منزلهما جاءتهما غطفان فقالوا: ما وراءكم؟ قالوا: لم يتم الأمر، رأينا قوما على بصيرة وبذل أنفسهم دون صاحبهم وقد هلكنا وهلكت قريش، وقريش تنصرف ولا تكلم محمدا! وإنما يقع حرّ محمد ببني قريظة، إذا ولينا جثم عليهم فحصرهم جمعة حتى يعطوا بأيديهم. قال الحارث: بعدا وسحقا! محمد أحب إلينا من اليهود.

وقال الواقدي [ (١) ] : حدثني خارجة بن عبد اللَّه عن داود بن الحصين، عن أبى سفيان، عن محمد بن مسلمة قال وتنحى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فجلس، ودنت الأوس الى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فقالوا: يا رسول اللَّه حلفاؤنا دون الخزرج وقد رأيت ما صنعت بنى قينقاع بالأمس حلفاء ابن أبى، وهبت له ثلاثمائة حاسر وأربعمائة دارع. وقد ندم حلفاؤنا على ما كان من نقضهم العهد، فهبهم لنا. ورسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ساكت لا يتكلم حتى أكثروا عليه وألحوا ونطقت الأوس كلها،

فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: أما ترضون أن يكون الحكم فيهم إلى رجل منكم؟

قالوا: بلى. قال: فذلك إلى سعد بن معاذ.

وسعد يومئذ في المسجد في خيمة رفيدة بنت سعد بن عتبة، وكانت تداوى الجرحى، وتلم الشعث، وتقوم على الضائع والّذي لا أحد له. وكان لها خيمة في المسجد وكان رسول اللَّه


[ (١) ] (المغازي للواقدي) : ٢/ ٥١٠.