للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا رسول اللَّه دنوت من الحصن ونزلت بين ظهري النخل والنز [ (١) ] ، مع أن أهل النطاة لي بهم معرفة، ليس قوم أبعد مدى منهم، ولا أعدل منهم [وهم مرتفعون] ، علينا وهو أسرع لانحطاط نبلهم، مع أنى لا آمن بيتهم يدخلون في خمر [ (٢) ] النخل، تحول يا رسول اللَّه إلى موضع بريء من النز ومن الوباء، نجعل الحرة بيننا وبينهم حتى لا ينالنا نبلهم.

ثم قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: نقاتلهم هذا اليوم، ودعي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم محمد ابن مسلمة فقال: انظر لنا منزلا بعيدا من حصونهم، بريئا من الوباء، نأمن فيه بياتهم، فطاف محمد حتى انتهى إلى الرجيع [ (٣) ] ، ثم رجع إلى النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم ليلا فقال: وجدت لك منزلا فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: على بركة اللَّه تعالى.

وقاتل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يومه ذلك إلى الليل، يقاتل أهل النطاة، يقاتلها من أسفلها، وحشدت اليهود يومئذ،

فقال الحباب بن المنذر: لو تحولت يا رسول اللَّه، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: إذا أمسينا إن شاء اللَّه تحولنا.

وجعلت نبل اليهود تخالط عسكر المسلمين وتجاوزه، وجعل المسلمون يلتقطون نبلهم، ثم يردونها عليهم. فلما أمسى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم تحول، وأمر الناس فتحولوا إلى الرجيع، وكان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يغدو بالمسلمين على راياتهم، وكان شعارهم: يا منصور أمت! فقال له الحباب بن المنذر: يا رسول اللَّه، إن اليهود ترى النخل أحب إليهم من أبكار أولادهم، فاقطع نخلهم، فأمر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بقطع النخل ووقع المسلمون في قطعها حتى أسرعوا في القطع، فجاءه أبو بكر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه فقال يا:

رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم إن اللَّه عز وجل قد وعدكم خيبر، وهو منجز ما وعدك، فلا تقطع النخل. فأمر فنادى منادى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فنهى عن قطع النخل.


[ (١) ] النزّ: ما يتحلب من الأرض من الماء.
[ (٢) ] الخمر بالتحريك: كل ما سترك من شجر أو بناء أو غيره. (النهاية) : ١/ ٣٢٠.
[ (٣) ] الرجيع: واد قرب خيبر.