النهار حتى أتوا أسفل خيبر فنزلوا بسلاح [ (١) ] ، ثم خرجوا من سلاح حتى دنوا من القوم فقال لهم الدليل: بينكم وبين القوم ثلثا نهار أو ونصفه، فإن أحببتم كمنتم وخرجت طليعة آتيكم بالخبر وإن أحببتم سرنا جميعا. فقالوا: بل نقدمك، فقدموه، فغاب عنهم ساعة ثم كرّ عليهم فقال: هذا أوائل سرحهم، فهل لكم أن تغيروا عليهم؟ فاختلف أصحاب النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم فقال بعضهم: إن أغرنا الآن حذرنا الرجال والطعن. وقال أخرون: نغنم ما ظهر لنا، ثم نطلب القوم، فشجعوا على النعم، فأصابوا نعما كثيرا ملئوا منه أيديهم، وتفرق الرعاء وخرجوا سراعا، ثم حذروا الجمع فتفرق الجمع وحذروا، ولحقوا بعلياء بلادهم، فخرج بشير بأصحابه حتى أتى محالهم فيجدها وليس بها أحد.
فرجع بالنعم حتى إذا كانوا بسلاح راجعين لقوا عينا لعيينة فقتلوه ثم لقوا جمع عيينة وعيينة لا يشعر بهم فناوشوهم، ثم انكشف جمع عيينة وتبعهم أصحاب النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، فأصاب منهم رجل أو رجلين فأسروهما أسرا، فقدموا بهما على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم فأسلما فأرسلهما رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم.
قال الواقدي: ومضى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم حتى نزل قريبا من حصن الطائف فضرب عسكره هناك فحين حل وأصحابه جاءه الحباب بن المنذر فقال فأخبره، فأمر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أصحابه أن يتحولوا. قال عمرو بن أمية إني لأنظر إلى أبى محجن يرمى من فوق الحصن ما يسقط له سهم، وكان عمرو ابن أمية الضمريّ يحدث يقول: لقد طلع علينا من نبلهم ساعة نزلنا [شيء اللَّه به عليم كأنه رجل من جراد] وترسنا لهم حتى أصيب ناس من المسلمين بجراحة، ودعي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم الحباب فقال: انظر مكانا مرتفعا مستأخرا عن القوم فخرج الحباب حتى انتهى إلى موضع مسجد الطائف خارج من القرية فجاء إلى النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم فأخبره فأمر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أصحابه أن يتحولوا. قال
[ (١) ] سلاح: موضع أسفل من خيبر، وكان بشير بن سعد الأنصاري لما بعثه النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم إلى يمن وجبار في سرية للإيقاع بجمع من غطفان لقيهم بسلاح. (معجم البلدان) : ٣/ ٢٦٣، موضع رقم (٦٥١٠) .