والدرع فطعنه هناك، فوقع أبي عن فرسه وكسر ضلع من أضلاعه واحتملوه فمات بالطريق، ونزلت فيه وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى [ (١) ] .
فحدثني يونس بن محمد الظفري. عن عاصم بن عمر، عن عبد اللَّه ابن كعب بن مالك، عن أبيه، قال: كان أبى بن خلف قدم في فداء ابنه، وكان أسر يوم بدر، فقال: يا محمد، إن عندي فرسا لي أجلها فرقا من ذرة كل يوم، أقتلك عليها. فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: بل- أنا أقتلك عليها إن شاء اللَّه ويقال قال ذلك بمكة فبلغ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم كلمته بالمدينة فقال: أنا أقتله عليا إن شاء اللَّه.
قالوا وكان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في القتال لا يلتفت وراءه، وكان يقول لأصحابه: إني أن يأتى أبىّ بن خلف من خلفي، فإذا رأيتموه فآذنونى به، فإذا بأبىّ يركض على فرسه، وقد رأى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فعرفه، جعل فجعل يصيح بأعلى صوته: يا محمد، لا نجوت إن نجوت! فقال القوم: يا رسول اللَّه، ما كنت صانعا حين يغشاك؟ فقد جاءك، وإن شئت عطف عليه بعضنا فأبى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم.
ودنا أبيّ فتناول رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم الحربة من الحارث بن الصمة، ثم انتقض بأصحابه كما ينتقض البعير، فتطايرنا عنه تطاير الشعارير، ولم يكن أحد يشبه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم إذا جد الجد. ثم أخذ الحربة فطعنه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بالحربة في عنقه وهو على فرسه، فجعل يخور كما يخور الثور، ويقول له أصحابه: أبا عامر، واللَّه ما بك بأس، ولو كان هذا الّذي بك بعين أحدنا ما ضرّه. فقال واللات والعزى لو كان هذا الّذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعون! أليس قال: لأقتلنك؟ فاحتملوه وشغلهم ذلك عن طلب رسول اللَّه