للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد أبلوا فيها. فقال عبادة: أبا الحباب، تغيرت القلوب، ومحا الإسلام العهود، أما واللَّه إنك لمعتصم بأمر سترى غبه غدا! فقالت قينقاع: يا محمد، إن لنا دينا في الناس. قال النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم: تعجلوا وضعوا! وأخذهم عبادة بالرحيل والإجلاء، وطلبوا التنفس فقال لهم: ولا ساعة من نهار، لكم ثلاث لا أزيدكم عليها!

هذا أمر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، ولو كنت أنا ما نفستكم. فلما مضت ثلاث خرج في آثارهم حتى سلكوا الشام، وهو يقول: الشرف الأبعد، الأقصى، فأقصى، وبلغ خلف ذباب [ (١) ] ، ثم رجعوا ولحقوا بأذرعات [ (٢) ] .

وولى إخراج بني النضير محمد بن مسلمة، الّذي قبض أموالهم والحلقة وكشفهم عنها.

قال الواقدي أيضا [ (٣) ] : وكان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قد استعمل على أموال بني النضير- يعني التي جعلها اللَّه تعالى خاصة- أبا رافع مولاه، وربما جاءه بالباكورة منها.

وقال في بنى قريظة: فلما جهدهم الحصار ونزلوا على حكم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أمر بأسراهم فكتفوا رباطا، وجعل على كتافهم محمد بن مسلمة ونحوا ناحية، وأخرجوا النساء والذرية من الحصون وكانوا ناحية، واستعمل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم عليهم عبد اللَّه بن سلام.

قال الواقدي [ (٤) ] : فحدثني ابن أبي سبرة، عن يعقوب بن زيد بن طلحة، عن أبيه، قال: لما سبى بنو قريظة النساء والذرية باع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم منهم


[ (١) ] ذباب بكسر أوله وباءين: جبل بالمدينة، له ذكر في المغازي والأخبار، ذكر ابن هشام في سيرته في غزوة تبوك: وضرب عبد اللَّه بن أبىّ مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم على حدة عسكره أسفل منها، نحو ذباب، فلما سار رسول اللَّه تخلف عنه عبد اللَّه بن أبىّ في من تخلف من المنافقين وأهل الريب. (معجم البلدان) : ٣/ ٣.
[ (٢) ] أذرعات: بالفتح، ثم السكون، وكسر الراء، وعين مهملة، وألف وتاء. كأنه جمع أذرعة، جمع ذراع جمع قلة: وهو بلد في أطراف الشام، يجاور أرض البلقاء وعمان، ينسب إليه الخمر. (المرجع السابق) : ١/ ١٥٨.
[ (٣) ] (مغازي الواقدي) : ١/ ٣٧٨.
[ (٤) ] (مغازي الواقدي) : ٢/ ٥٢٣- ٥٢٤.