للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجبيت الموال، فتأكدت الحاجة إلى ضبطهم، ولذلك اتفق أهل الأثر، وعلماء الأخبار والسير، على أن عمر بن الخطاب رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه أول من وضع الديوان في الإسلام. وفرض الأعطيات. وقد أوردت من ذلك في كتاب (المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار) [ (١) ] . ما يكفى ويشفى، إن شاء اللَّه تعالى.


[ () ] وفي (المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار) للتقى المقريزي: أن معاوية جعل كل قبيلة من قبائل العرب بمصر رجلا يصبح كل يوم فيدور على المجالس فيقول: هل ولد الليلة فيكم مولود، وهل نزل بكم نازل، فيقال: ولد للفلان غلام، ولفلان جارية، فيكتب أسماءهم ويقال: نزل بهم رجل من أهل كذا بعياله، فيسميه، وعياله فإذا فرغ من القبيلة أتى إلى الديوان ليثبت ذلك.
[ (١) ] أحد مؤلفات المقريزي المعروف بالخطط المقريزية، حيث وقف المقريزي حياته الخصبة على تدوين تاريخ مصر الإسلامية، وتدوين أمجادها، ومحنها، في مثابرة تثير الدهشة والإعجاب، يدفعه إلى ذلك حب مضطرم لذلك الوطن الّذي نشأ فيه، وترعرع بين ربوعه، وشهد خلال حياته طرفا من محنه وأمجاده، وسحرته معاهده ومعانيه، وصروحه وآثاره.
وأشد ما تبدر هذه القاهرة التي تطبع كتابات المقريزي، في كتابه (الخطط) ، والخطط في الواقع هي أجل ثمار هذه العاطفة المضطرمة، وما أوحت من مثابرة وجلد، وفي الخطط يبلغ المقريزي ذروة الاستيعاب والافتنان والروعة، في وصف الخطط المصرية، وخطط الفسطاط والقاهرة المعزية، نشأة كل منهما، وأحيائها، وصروحها، وتطوراتها الجغرافية، والعمرانية، ومساجدها، وقصورها، ومعاهدها، وكل ما احتوت من بذخ وبهاء وفن، ويقرن ذلك في معظم الأحيان بتاريخ الدول والشخصيات التي قامت في ظلها هذه الصروح، أو أوحت بإنشائها، ثم هو لا يقف عند النواحي التخطيطية والأثرية والفنية، ولكن يفيض في النواحي العمرانية والاقتصادية.
ولهذه المحتويات يلقى كتاب (الخطط) على تاريخ مصر السياسي، والأثري، والاجتماعي، والاقتصادى، في العصور الوسطى، أعظم أضواء اجتمعت في هذا الأثر الخالد.
وقد لبث هذا الأثر الخالد (كتاب الخطط) على كر العصور موضع التقدير والإعجاب، وما يزال إلى يومنا من أنفس المصادر في تاريخ مصر الإسلامية.