للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن حديث أبى أويس، قال: حدثني كثير بن عبد اللَّه بن عمرو بن عوف المزني، عن أبيه عن جده، قال: إن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم أقطع بلال بن الحارث معادن القبلية، جلسيها [ (١) ] وغوريها [ (٢) ] ، وقال غيره: جلسها وغورها، حيث يصلح الزرع من قدس، ولم يعطه حق مسلم، وكتب له النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى محمد رسول اللَّه بلال بن الحارث المزني، أعطاه معادن القبلية، جلسيها وغوريها، حيث يصلح الزرع من قدس، ولم يعطه حق مسلم [ (٣) ] .

قال: أبو أويس: وحدثني ثور بن زيد، مولى بنى الديل بن بكر بن كنانة، عن عكرمة، عن ابن عباس رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهما مثله [ (٤) ] ، [زاد ابن النضر: وكتب أبى بن كعب [ (٥) ]] .


[ (١) ] جلسيها: يريد نجديها، ويقال لنجد: جلس، وقال الأصمعي: وكل مرتفع جلس.
[ (٢) ] غوريها: الغور ما انخفض من الأرض، يريد أنه صلّى اللَّه عليه وسلّم أقطعها وهادها ورباها.
[ (٣) ] (المرجع السابق) : حديث رقم (٣٠٦٢) ، (٣٠٦٣) .
[ (٤) ] (المرجع السابق) ، قال الخطابي في (معالم السنن) : إنما يقطع الناس من بلاد العنوة ما لم يحزه ملك مسلم، فإذا أقطع الإمام رجلا بياض أرض فإنه يملكها بالعمارة والإحياء ويثبت ملكه عليها فلا تنتزع من يده أبدا. فإذا أقطعه معدنا نظر فإن كان المعدن شيئا ظاهرا كالنفط والقار ونحوهما، فإنه مردود لأن هذه منافع حاصلة، وللناس فيها مرفق وهي لمن سبق إليها ليس لأحد أن يتملكها فيستاثر بها على الناس، وإن كان المعدن من معادن الذهب والفضة أو النحاس وسائر الجواهر المستكنة في الأرض المختلطة بالتربة والحجارة التي لا تستخرج إلا بمعاناة ومؤنة فإن العطية ماضية إلا أنه لا يملك رقبتها حتى يحظرها على غيره إذا عطلها وترك العمل فيها، إنما له أن يعمل فيها ما بدا له أن يعمل، فإذا ترك العمل خلى بينه وبين الناس، وهذا كله على معاني الشافعيّ.
وفي
قوله «ولم يعطه حق مسلم»
دليل على أنه من ملك أرضا مرة ثم عطلها أو غاب عنها فإنّها لا تملك عليه بإقطاع أو إحياء وهي باقية على ملكه الأول.
[ (٥) ] زيادة للسياق من (سنن أبى داود) .