للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي لفظ لأبى دواد: أنه شهد على نفسه أربع مرات، كل ذلك يعرض عنه، فأقبل في الخامسة، قال: «أنكتها» ؟ قال نعم. قال: «حتى غاب ذلك منك في ذلك منها؟ قال: نعم، قال: كما يغيب المرود في المكحلة والرشاء في البئر؟ «قال: نعم، قال:» فهل تدري ما الزنى؟ قال: نعم. أتيت منها حراما ما يأتى الرجل من امرأته حلالا. قال: «فما تريد بهذا القول؟ «قال:

أريد أن تطهرني، قال: فأمر به فرجم، فسمع النبي صلى اللَّه عليه وسلّم رجلين من أصحابه يقول أحدهما لصاحبه: انظر إلى هذا الّذي ستر اللَّه عليه فلم تدعه نفسه حتى رجم رجم الكلب، فسكت عنهما، ثم سار ساعة حتى مر بجيفة حمار شائل برجله، فقال: «أين فلان وفلان» ؟ فقالا: نحن ذان يا رسول اللَّه، قال:

«انزلا فكلا من جيفة هذا الحمار» فقالا: يا نبي اللَّه، من يأكل من هذا؟ قال:


[ () ] قبل نزول حد الزنى، ثم رجم ماعزا والغامدية، ولم يجلدهما، وهذا كان بعد حديث عبادة بلا شك، وأما حديث جابر في (السنن) : أن رجلا زنى، فأمر به النبي صلى اللَّه عليه وسلّم فجلد الحد، ثم أقر أنه محصن، فأمر به فرجم. فقد قال جابر في الحديث نفسه: أنه لم يعلم بإحصانه، فجلد، ثم علم بإحصانه، فرجم. رواه أبو داود.
وفيه: أن الجهل بالعقوبة لا يسقط الحد إذا كان عالما بالتحريم، فإن ماعزا لم يعلم أن عقوبته القتل، ولم يسقط هذا الجهل الحد عنه.
وفيه: أنه يجوز للحاكم أن يحكم بالإقرار في مجلسه، وإن لم يسمعه معه شاهدان، نص عليه أحمد، فإن النبي صلى اللَّه عليه وسلّم لم يقل لأنيس: فإن اعترفت بحضرة شاهدين فأرجمهما وأن الحكم إذا كان حقا محضا للَّه لم يشترط الدعوى به عند الحاكم.
وأن الحد إذا وجب على امراة، جاز للإمام أن يبعث إليها من يقيمه عليها، ولا يحضرها، وترجم النسائي على ذلك: صونا للنساء عن مجلس الحكم.
وأن الإمام والحاكم والمفتى يجوز له الحلف على أن هذا حكم اللَّه عزّ وجل إذا تحقق ذلك، وتيقنه بلا ريب، وأنه يجوز التوكيل في إقامة الحدود، وفيه نظر، فإن هذا استنابة من النبي صلى اللَّه عليه وسلّم، وتضمن تغريب المرأة كما يغرب الرجل، لكن يغرب معها محرما إن أمكن، وإلا فلا، وقال مالك: لا تغريب على النساء، لأنهن عورة.