قوله صلى اللَّه عليه وسلّم (لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له) فيه أن المكس من أقبح المعاصي والذنوب الموبقات وذلك لكثرة مطالبات الناس له وظلاماتهم عنده وتكرر ذلك منه انتهاكه للناس وأخذ أموالهم بغير حقها وصرفها في غير وجهها وفيه أن توبة الزاني لا تسقط عنه حد الزنا وكذا حكم حد السرقة والشرب هذا أصح القولين في مذهبنا حد المحاربة بلا خلاف عندنا وعند ابن عباس وغيره لا تسقط. قوله (ثم أمر بها فصلى عليه ثم دفنت) وفي الرواية الثانية أمر بها النبي صلى اللَّه عليه وسلّم فرجمت، ثم صلى عليه فقال له عمر: تصلى عليها يا نبي اللَّه وقد زنت، أما الرواية الثانية فصريحة في أن النبي صلى اللَّه عليه وسلّم صلى عليها وأما الرواية الأولى فقال القاضي عياض رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه: هي بفتح الصاد واللام عند جماهير رواة صحيح مسلم قال: وعند الطبري بضم الصاد قال وكذا في رواية ابن أبى شيبة، وأبى داود قال: وفي رواية لأبى داود، ثم أمرهم أن يصلوا عليها قال القاضي: ولم يذكر مسلم صلاته صلى اللَّه عليه وسلّم على ماعز وقد ذكرها البخاري. وقد اختلف العلماء في الصلاة على المرجوم فكرهها مالك وأحمد للإمام ولأهل الفضل دون باقي الناس ويصلى عليه غير الامام وأهل الفضل وغيرهم والخلاف بين الشافعيّ ومالك إنما هو في الامام وأهل الفضل وأما غيرهم فاتفقا على أنه يصلى وبه قال جماهير العلماء قالوا فيصلي على الفساق والمقتولين في الحدود والمحاربة وغيرهم وقال الزهري: لا يصلى أحد على المرجوم وقاتل نفسه وقال قتادة: لا يصلى على ولد الزنا واحتج الجمهور بهذا الحديث وفيه دلالة للشافعي أن الامام وأهل الفضل يصلون على المرجوم كما يصلى عليه غيرهم وأجاب أصحاب مالك عنه بجوابين: أحدهما: أنهم ضعفوا رواية الصلاة لكون أكثر الرواة لم يذكروها. والثاني: تأولوها على أنه صلى اللَّه عليه وسلّم أمر بالصلاة أو دعا فسمى صلاة على مقتضاها في اللغة.