للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم قال: اهجوا قريشا فإنه أشدّ عليها من رشق النبل، فأرسل إلى ابن رواحة فقال: اهجهم فهجاهم، فلم يرض، فأرسل إلى كعب بن مالك، ثم أرسل إلى حسان بن ثابت، فلما دخل عليه قال حسان: قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه ثم أدلع لسانه فجعل يحركه فقال: والّذي بعثك بالحق لأفرينهم بلساني فرى الأديم، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: لا تعجل فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها، وإن لي فيهم نسبا حتى يلخص لك نسبي، فأتاه حسان ثم رجع فقال: يا رسول اللَّه قد لخص لي نسبك، والّذي بعثك بالحق لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين، قالت عائشة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنها:

فسمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم يقول لحسان: إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن اللَّه ورسوله، وقالت: سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم يقول: هجاهم حسان فشفى واشتفى.

وقد تقدم التعريف بحسان بن ثابت الأنصاري، وكعب بن مالك، وأبى ابن كعب، رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهم. وعبد اللَّه بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن عمرو بن امرئ القيس الأكبر بن مالك بن كعب بن الخزرج الأنصاريّ أبو محمد، أحد النقباء، شهد العقبة وبدرا وما بعدها، واستشهد بمؤتة في جمادى سنة ثمان، وهو أحد الأمينين، وأحد الشعراء، وفي حسان وكعب بن مالك نزل قوله تعالى: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ [ (١) ] .

***


[ () ] قوله: «وقال اللَّه قد يسرت جندا» أي هيأتهم وأرصدتهم. قوله: «عرضتها اللقاء» هو بضم العين أي مقصودها ومطلوبها. قوله: «ليس له كفاء» أي مماثل ولا مقاوم. واللَّه تبارك وتعالى أعلم.
[ (١) ] الشعراء: ٢٢٧، وفي (الأصل) : حتى وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً.