للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب


[ () ] وقد روى ابن أبى شيبة عن شريك عن هشام في هذا الحديث «فضحكت، فظننا أنها هي
وروى النسائي من طريق طلحة بن عبد اللَّه التيمي عن عائشة قالت: «أهوى إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلّم ليقبلنى فقلت إلى صائمة، فقال: وأنا صائم، فقبلني» .
وهذا يؤيد ما قدمناه أن النظر في ذلك لمن لا يتأثر بالمباشرة والتقبيل، ولا للتفرقة بين الشاب والشيخ، لأن عائشة كانت شابة، نعم لما كان الشاب مظنة لهيجان الشهوة فوق من فوق.
وقال المازري: ينبغي أن يعتبر حال المقبل فإن أثارت منه القبلة الإنزال حرمت عليه لأن الإنزال يمنع منه الصائم فكذلك ما أدى إليه، وإن كان عنها المذي فمن رأى القضاء منه قال يحرم في حقه، ومن رأى أن لا قضاء قال بكرة، وإن لم تؤد القبلة إلى شيء فلا معنى للمنع منها إلا على القول بسد الذريعة. قال: ومن بديع ما روى في ذلك
قوله صلى اللَّه عليه وسلّم للسائل عنها: «أرأيت لو تمضمضت»
فأشار إلى فقه بديع، وذلك أن المضمضة لا تنقض الصوم وهي أول الشرب ومفتاحه، كما أن القبلة من دواعي الجماع ومفتاحه، والشرب يفسد الصوم كما يفسد الجماع، وكما ثبت عندهم أن أوائل الشرب لا يفسد الصيام فكذلك أوائل الجماع.
والحديث الّذي أشار إليه أخرجه أبو داود والنسائي من حديث ابن عمر، قال النسائي منكر، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وقد سبق الكلام على حديث أم سلمة في كتاب الحيض، والغرض منه هنا قولها «وكان يقبلها وهو صائم» وقد ذكرنا شاهده من رواية عمر بن أبى سلمة في الباب الّذي قبله. وقال النووي: القبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته لكن الأولى له تركها، وأما من حركت شهوته فهي حرام في حقه على الأصح وقيل: مكروهة، وروى ابن وهب عن مالك إباحتها في النفل دون الفرض، قال النووي: ولا خلاف أنها لا تبطل الصوم إلا أن انزل بها.
وقد روى أبو داود وحده من طريق مصدق بن يحيى عن عائشة أن النبي صلى اللَّه عليه وسلّم كان يقبلها ويمص لسانها وإسناده ضعيف، ولو صح فهو محمول على من لم يبتلع ريقه الّذي خالط ريقها واللَّه أعلم.