قال الإمام النووي: قوله صلى اللَّه عليه وسلّم: «لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من أهله وماله والناس أجمعين» وفي الرواية الأخرى من ولده ووالده والناس أجمعين. قال الامام أبو سليمان الخطابي: لم يرد به حب الطبع بل أراد به حب الاختيار لأن حب الإنسان نفسه طبع ولا سبيل إلى قلبه. قال فمعناه لا تصدق في حبي حتى تفنى في طاعتي نفسك وتؤثر رضاي على هواك وإن كان فيه هلاكك. هذا كلام الخطابي. وقال ابن بطال والقاضي عياض وغيرهما رحمة اللَّه عليهم: المحبة ثلاثة أقسام: محبة إجلال وإعظام كمحبة الوالد، ومحبة شفقة ورحمة كمحبة الولد، ومحبة مشاكلة واستحسان كمحبة سائر الناس فجمع صلى اللَّه عليه وسلّم أصناف المحبة في محبته. قال ابن بطال رحمه اللَّه، ومعنى الحديث أن من استكمل الايمان على أن حق النبي صلى اللَّه عليه وسلّم أكد عليه من حق أبيه وابنه والناس أجمعين لأن به صلى اللَّه عليه وسلّم استنقذنا من النار وهدينا من الضلال. قال القاضي عياض رحمه اللَّه ومن محبته صلى اللَّه عليه وسلّم نصرة سنته والذب عن شريعته وتمنى حضور حياته فيبذل ماله ونفسه دونه قال وإذا تبين ما ذكرناه تبين أن حقيقة الإيمان لا تتم الا بذلك، ولا يصح الإيمان الا بتحقيق إعلاء قدر النبي صلى اللَّه عليه وسلّم ومنزلته على كل والد وولد ومحسن ومفضل، ومن لم يعتقد هذا واعتقد سواه فليس بمؤمن. هذا كلام القاضي رحمه اللَّه. واللَّه أعلم. وأما إسناد هذا الحديث فقال مسلم رحمه اللَّه (وحدثنا شيبان بن أبى شيبة حدثنا عبد الوارث عن عبد العزيز، عن أنس. قال مسلم (وحدثنا محمد بن مثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن أنس) وهذا أن الاسنادين رواتهما يضربون كلهم وشيبان بن أبى شيبة هذا هو شيبان بن فروخ الّذي روى عنه مسلم في مواضع كثيرة. واللَّه أعلم بالصواب. [ (٢) ] الأحزاب: ٦.