ووجه الدلالة من هذا الحديث أنه صلى اللَّه عليه وسلّم لو عقد على صفية بولي وشهود لعلم ذلك الصحابة، لا سيما عند من يشترط الإعلان في النكاح، فلما لم يكن عنده من العلم بحالها أن ضرب الحجاب عليها، دلّ ذلك دلالة واضحة على أنه صلى اللَّه عليه وسلّم بنى عليها من غير أن يعقد له عليها ولى، ولا حضر شهود بينهما بذلك، فإن اعتبار الولي في عقد النكاح إنما هو للمحافظة على الكفاء ولا مرية في أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم فوق الأكفاء كلهم، وهكذا اعتبار الشهود في النكاح إنما هو خشية الجحود، وقد نزه اللَّه تعالى رسوله صلى اللَّه عليه وسلّم عن نسبة ذلك إليه.
فلو فرضنا جحود المرأة، لم يرجع إلى قولها، بل قال العراقي في (شرح المهذب) : تكون كافرة بتكذيبه صلى اللَّه عليه وسلّم.
واستدل أيضا بقصة زينب في تزويجه صلى اللَّه عليه وسلّم بها، لكن هذا الخلاف في غير زينب، فإن زينب نصوا على أن اللَّه تعالى زوجها نبيه صلى اللَّه عليه وسلّم من فوق سبعة أرقعة، وقد نبه عليه النووي في (شرح مسلم) ، في باب زواج زينب بنت جحش رضى اللَّه تبارك وتعالى عنها.
وذكر القضاعي هذه الخصوصية في ما خصّ به النبي صلى اللَّه عليه وسلّم دون الأنبياء قبله. وقال الشيخ أبو حامد [الغزالي] : الخلاف في المسألة مبنية على أن النكاح الآن محكوم عليه هنا إنما هو نفى ماهية النكاح عند انتفاء ذلك فتنتفي تلك الماهية أيضا في حقه صلى اللَّه عليه وسلّم عمل بهذا الحديث، ولم يأت لفظ عام للأشخاص حتى نقول قد دخل فيهم فلا وجه له يكن في هذا الحديث ولقويت له حجة المنع، لكن قصة صفية دليل واضح فتأمله.