للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شعيب بن الحبحاب عن أنس ومن طريق سفيان ومن طريق معاذ بن هشام قال حدثني أبى عن شعيب بن الحبحاب عن أنس كلهم عن النبي صلى اللَّه عليه وسلّم أنه أعتق صفية وجعل عتقها صداقها وفي حديث معاذ عن أبيه تزوج صفية وأصدقها عتقها.

وأخرجه الترمذي [ (١) ] من حديث أبى عوانة وقال: حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى اللَّه عليه وسلّم وغيرهم، وهو قول الشافعيّ وأحمد وإسحاق، وكره بعض أهل العلم أن يجعل عتقها صداقها حتى يجعل لها مهرا سوى العتق قال: والقول الأول أصح.


[ () ] قال الإمام النووي: أنه يستحب أن يعتق الأمة ويتزوجها كما قال في الحديث الّذي بعده له أجران وقوله: أصدقها نفسها اختلف في معناه فالصحيح الّذي اختاره المحققون أنه أعتقها تبرعا بلا عوض ولا شرط ثم تزوجها برضاها بلا صداق وهذا من خصائصه صلى اللَّه عليه وسلّم أنه يجوز نكاحه بلا مهر لا في الحال ولا فيما بعد بخلاف غيره وقال بعض أصحابنا معناه أنه شرط عليها أن يعتقها ويتزوجها فقبلت فلزمها الوفاء به وقال بعض أصحابنا أعتقها وتزوجها على قيمتها وكانت مجهولة ولا يجوز هذا ولا الّذي قبله لغيره صلى اللَّه عليه وسلّم بل هما من الخصائص كما قال أصحاب القول الأول واختلف العلماء فيمن أعتق أمته على أن تتزوج به ويكون عتقها صداقها فقال الجمهور: لا يلزمها أن تتزوج به ولا يصح هذا الشرط وممن قاله مالك والشافعيّ وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن وزفر وقال الشافعيّ: فإن أعتقها على هذا الشرط فقبلت عتقت ولا يلزمها أن تتزوجه بل له عليها قيمتها لأنه لم يرضى بعتقها مجانا فإن رضيت وتزوجها على مهر يتفقان عليه فله عليها القيمة ولها عليه المهر المسمى من قليل أو كثير وأن تزوجها على قيمتها فإن كانت القيمة معلومة له ولها صح الصداق ولا تبقى له عليها قيمة ولا لها عليه صداق وإن كانت مجهولة ففيه وجهان لأصحابنا أحدهما يصح الصداق كما لو كانت معلومة بأن هذا العقد فيه ضرب من المسامحة والتخفيف وأصحهما وبه قال جمهور أصحابنا لا يصح الصداق بل يصح النكاح ويجب لها مهر المثل وقال سعيد بن المسيب والحسن والنخعي والزهري والثوري والأوزاعي وأبو يوسف وأحمد وإسحاق: يجوز أن يعتقها على أن تتزوج به ويكون عتقها صداقها ويلزمها ذلك ويصح الصداق على ظاهر لفظ هذا الحديث وتأوله الآخرون بما سبق.
[ (١) ] (سنن الترمذي) : ٣/ ٤٢٣- ٤٢٤، كتاب النكاح، باب، (٢٣) ما جاء في الرجل يعتق الأمة ثم يتزوجها، حديث رقم (١١١٥) .