للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم إذا ذهب إلى قباء يدخل على أم حرام بنت ملحان [ (١) ] فتطعمه- وكانت تحت عبادة بن الصامت- فدخل يوما فأطعمته، فنام رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم،


[ () ] (٢) (مسلم بشرح النووي) : ١٣/ ٦١، كتاب الإمارة، باب (٤٩) فضل الغزو في البحر، حديث رقم (١٦٠) ، قال الإمام النووي: وفيه معجزات للنّبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم منها إخباره ببقاء أمته بعده وأنه تكون لهم شوكة وقوة وعدد وأنهم يغزون وأنهم يركبون البحر وأن أم حرام تعيش إلى ذلك الزمان وأنها تكون معهم وقد وجد بحمد اللَّه تعالى كل ذلك وفيه فضيلة لتلك الجيوش وأنهم غزاة في سبيل اللَّه واختلف العلماء متى جرت الغزوة التي توفيت فيها أم حرام في البحر وقد ذكر في هذه الرواية في مسلم أنها ركبت البحر في زمان معاوية فصرعت عن دابتها فهلكت قال القاضي: قال أكثر أهل السير والأخبار: أن ذلك كان في خلافة عثمان بن عفان رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه وأن فيها ركبت أم حرام وزوجها إلى قيرس فصرعت عن دايتها هناك فتوفيت ودفنت هناك وعلى هذا يكون قوله في زمان معاوية معناه في زمان غزوة في البحر لا في أيام خلافته. وفي هذا الحديث جواز ركوب البحر للرجال والنساء كذا قاله الجمهور، وكره مالك ركوبه للنساء لأنه لا يمكن غالبا التستر فيه ولا غض البصر عن المتصرفين فيه ولا يؤمن انكشاف عوراتهن في تصرفهن لا سيما فيهما صغر من السفيان مع ضرورتهن إلى قضاء الحاجة بحضرة الرجال، قال القاضي رحمه اللَّه تعالى عن عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهما منع ركوبه وقيل إنما منعه العمران للتجارة وطلب الدنيا لا للطاعات. وقد روى عن ابن عمر، عن النبي صلى اللَّه عليه وسلّم النهى عن ركوب البحر إلا لحاج أو معتمر أو غاز. وضعف أبو داود هذا الحديث وقال رواته مجهولون واستدل بعض العلماء بهذا الحديث على أن القتال في سبيل اللَّه تعالى والموت فيه سواء في الأجر لأن أم حرام ماتت ولم تقتل ولا دلالة فيه لذلك لأنه صلى اللَّه عليه وسلّم لم يقل أنهم شهداء إنما يغزون في سبيل اللَّه ولكن قد ذكر مسلم في الحديث الّذي بعد هذا بقليل حديث زهير بن حرب من رواية أبى هريرة من قتل في سبيل اللَّه فهو شهيد ومن مات في سبيل اللَّه فهو شهيد وهو موافق لمعنى قول اللَّه تعالى:
وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ.
[ (١) ] هي أم حرام بنت ملحان، خاله أنس بن مالك.