وخرج الترمذي [ (١) ] من حديث يزيد بن زريع حدثنا سعيد عن قتادة، عن ابن سيرين، عن أبى هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: الرؤيا ثلاث: فرؤيا حق، ورؤيا يحدث بها الرجل نفسه، ورؤيا تحزين من الشيطان.
فمن رأى ما يكره فليقم فليصل، وكان يقول: يعجبني القيد وأكره الغل:
القيد: ثبات في الدين، وكان يقول: من رآني أنا هو فإنه ليس للشيطان أن يتمثل بى، وكان يقول: لا تقص الرؤيا إلا على عالم أو ناصح،
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وخرج مسلم من طريق حماد بن زيد، حدثنا أيوب وهشام عن محمد، عن أبى هريرة، قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بى.
وللطبراني في (أوسط معاجمه) من حديث أبى سعيد الخدريّ، أن النبي صلى اللَّه عليه وسلّم قال: من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بى ولا بالكعبة،
ثم قال: لا نحفظ هذه اللفظة إلا لهذا الحديث، واعلم أن صورة النبي صلى اللَّه عليه وسلّم التي شاهدها الحس مع قوته في المدينة، وأما صورة روحه ولطيفته فما شاهدها أحد وكل روح بهذه المثابة لم يشاهدها أحد ولا من نعته، بل يتجسد للرائي روح النبي صلى اللَّه عليه وسلّم في المنام بصورة حسنة من غير أن يحرم شيئا، فهو محمد صلى اللَّه عليه وسلّم المرئي من حيث روحه في جسد صورة جسدية تشبه إلى رؤيته، ولا يمكن للشيطان أن يتصور بصورة جسده صلى اللَّه عليه وسلّم عصمة من اللَّه تعالى في حق الرائي، ولهذا من يراه بهذه الصورة يأخذ عنه جميع ما يأمره به، أو ينهاه عنه أو يخبره كما كان يأخذ عنه في الحياة الدنيا الأحكام على حسب ما يكون منه اللفظ الدال عليه من نص أو ظاهر أو مجمل. أو ما كان فان اعطى النبي صلى اللَّه عليه وسلّم الرائي شيئا فإن ذلك الوقت هو الّذي يدخله التعبير، فان خرج في الحس كما كان في الخيال فتلك رؤيا لا تعبير لها.
[ (١) ] (سنن الترمذي) : ٤/ ٤٦٥، كتاب الرؤيا، باب (٦) ، حديث رقم (٢٢٨٠) .