للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ [ (١) ] فإن قلت: هل كفّر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم لذلك قلت: عن الحسن أنه لم يكفر لأنه كان مغفورا له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وإنما هو تعليم للمؤمنين، وعن مقاتل إن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم أعتق رقبة في تحريم ما ربه. واللَّه أعلم.


[ () ] والزمخشريّ قطعا لم يحمل التحريم على هذا الوجه لأنه جعله زلة فيلزمه أن يحمله على المحمل الأول. ومعاذ اللَّه وحاش للَّه وأن آحاد المؤمنين حاشى أن يعتقد تحريم ما أحل اللَّه له فكيف لا يربأ بمنصب النبي عليه السلام عما يرتفع عنه منصب عامة الأمة، وما هذه من الزمخشريّ إلا جراءة على اللَّه ورسوله، وإطلاق القول من غير تحرير وإبراز الرأى الفاسد بلا تخيير، نعوذ باللَّه من ذلك، وهو المسئول أن يجعل وسيلتنا إليه تعظيما لنبينا صلوات اللَّه عليه وأن يجنبنا خطوات الشيطان، ويقبلنا من عثرات اللسان. (تفسير القرآن العظيم) :
٤/ ٤١٢، وهذا خلاف لما ذكره الحافظ ابن كثير من حديث زيد بن أسلم أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم أصاب أم إبراهيم في بيت بعض نسائه، فقالت: أي رسول اللَّه في بيتي وعلى فراشي؟ فجعلها عليه حراما، قالت: أي رسول اللَّه كيف يحرم عليك الحلال؟ فحلف لها باللَّه لا يصيبها، فأنزل اللَّه تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ قال زيد بن أسلم فقوله أنت على حرام لغو، وهكذا روى عبد الرحمن بن زيد عن أبيه، وقال ابن جرير أيضا: حدثنا يونس، حدثنا ابن وهب، عن مالك، عن زيد بن أسلم، قال: قال لها «أنت على حرام واللَّه لا أطؤك» وقال القسطلاني في (المواهب اللدنية) : ٢/ ٦٥٤- ٦٥٥، ومنها أنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال اللَّه تعالى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ [سورة الفتح:
الآية ٢] قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: من خصائصه صلى اللَّه عليه وسلّم أنه أخبره اللَّه تعالى بالمغفرة ولم ينقل أنه أخبره اللَّه تعالى بالمغفرة، ولم ينقل أنه أخبر أحدا من الأنبياء بمثل ذلك، ويدل له قولهم في الموقف: نفسي نفسي.
وقد سبق إلى نحو هذا ابن عطية فقال: وإنما المعنى التشريف بهذا الحكم، ولم تكن ذنوب البتة، ثم قال: وعلى تقدير الجواز لا شك ولا ارتياب أنه لم يقع منه صلى اللَّه عليه وسلّم، وكيف يتخيل خلاف ذلك وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى. [سورة النجم: الآية ٤- ٥] .
[ (١) ] سورة التحريم: ٢.