قال أبو محمد بن حزم تأويلهم أن الصلاة في مسجد المدينة أفضل من الصلاد في مسجد مكة بدون ألف وقلنا نحن: بل هذا الاستثناء لأن الصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجد المدينة وكلا التأويلين محتمل، نعم.
وتأويل ثالث أيضا وهو إلا المسجد الحرام فإن الصلاة في كليهما سواء فلا يجوز المصير إلى أحد هذه التأويلات إلا بنص آخر وبطل أن يكون في هذا الخبر بيان في فضل المدينة على مكة وقال: أبو عمر بن عبد البر اختلفوا في تأويله ومعناه فتأوله قوم منهم أبو بكر عبد اللَّه بن نافع الزبيري صاحب مالك على أن الصلاة في مسجد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم أفضل من الصلاة في المسجد الحرام بدون ألف درجة، وأفضل من الصلاة في سائر المساجد بألف صلاة، وقال: بذلك جماعة من المالكيين ورواه بعضهم عن مالك.
وتأويل ابن نافع بعيد عند أهل المعرفة باللسان ويلزمه أن يقول: إن الصلاة في مسجد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم أفضل من الصلاة في المسجد الحرام بتسعمائة ضعف وتسعة وتسعين ضعفا وإذا كان هذا كهذا لم يكن للمسجد الحرام فضل على سائر المساجد إلا بالجزء اللطيف على تأويل ابن نافع هذا.
وحسبك ضعفا بقوله: يؤول إلى هذا وقد زعم بعض المتأخرين من أصحابنا أن الصلاة في مسجد النبي صلى اللَّه عليه وسلّم أفضل من الصلاة في المسجد الحرام بمائة صلاة ومن غيره بألف صلاة واحتج لذلك بما رواه سفيان بن عيينة عن زياد بن سعد عن ابن عتيق قال: سمعت عمر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه يقول: صلاة في المسجد الحرام خير من مائة صلاة فيما سواه فتأول بعضهم هذا الحديث أيضا عن عمر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه على أن الصلاة في مسجد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم خير من تسعمائة صلاة في المسجد الحرام، وهذا كله تأويل لا يعضده أصل ولا يقوم عليه دليل، وحديث سليمان بن عتيق هذا حجة فيه لأنه مختلف في إسناده وفي لفظه وقد خالفه فيه من هو أثبت منه. فمن الاختلاف عليه في ذلك ما ذكر من طريق قاسم بن أصبغ محمد بن وضاح حدثنا حامد بن يحيى حدثنا سفيان بن عيينة عن زياد بن سعد الخراساني أبى