وقال أبو عمر بن عبد البر في كتاب (التمهيد) : ومن حجة من قال إن الصلاة على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم ليست بواجبة في الصلاة
حديث الحسن بن الحر عن القاسم بن مخيمر قال: أخذ علقمة بيدي فقال: إن عبد اللَّه بن مسعود أخذ بيدي، وقال: إن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أخذ بيدي كما أخذت بيدك فعلمني التشهد، فقال: قل:
التحيات للَّه والصوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة اللَّه وبركاته، السلام علينا وعلى عباد اللَّه الصالحين، أشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، قال: فإذا قلت ذلك فقد قضيت الصلاة، فإن شئت فقم وإن شئت أن تقعد فاقعد.
قالوا: ففي هذا الحديث ما يشهد لمن لم ير الصلاة على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم في التشهد واجبة ولا سنة مسنونة، لأن ذلك لو كان واجبا أو سنه لبين ذلك وذكره آنفا.
وقد روى أبو داود والترمذي والطحاوي من حديث عبد اللَّه بن عمر قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: إذا رفع أحدكم رأسه من آخر السجود فقد مضت صلاته إذا أحدث.
واللفظ لحديث الطحاوي، وعندكم لا تمضى صلاتكم حتى يصلى على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم.
قالوا: وقد روى عاصم بن حمزة عن عليّ- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- إذا جلس مقدار التشهد ثم أحدث فقد تمت صلاته.
ومن حجتهم أيضا حديث الأعمش عن أبى وائل عن ابن مسعود في التشهد وقال: ليتخير ما أحب من الكلام، يعنى ولم يذكر الصلاة على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، ومن حجتهم
حديث فضالة بن عبيد أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم سمع رجلا يدعوني في صلاته لم يحمد اللَّه ولم يصل على النبي فقال صلّى اللَّه عليه وسلّم: عجل هذا ثم دعاه فقال له أو لغيره: إذا صلّى أحدكم فليبدأ بحمد اللَّه والثناء عليه ثم يدعو بما شاء.
ففي هذا الحديث أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم لم يأمر المصلى إذا لم يصلّ على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم في صلاته بالإعادة كما أمر الّذي لم يتم ركوعه وسجوده بالإعادة، فلو كانت فرضا، لأمره بإعادة الصلاة.
واحتجوا أيضا بأن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم لم يعلمها المسيء في صلاته، ولو كانت من فروض الصلاة التي لا تصح إلا بها، لعلمه إياها، كما علمه القراءة