من يسأل المطاع حوائجه منزلة واحدة، فكيف بأعظم محب وأجله لأكرم محبوب وأحقه بمحبة ربه؟ ولو لم يكن من فوائد الصلاة على النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم إلا هذا المطلوب وحده لكفى المؤمن به شرفا فكيف ومعها أخواتها؟
واعلم أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قد خصه اللَّه- تعالى- من مزايا الشرف الرفيع بأن جعل له الأجر الزائد على أجر عمله مثل أجور من اتبعه منذ ابتعثه إلى قيام الساعة، فشرفه صلّى اللَّه عليه وسلّم الشرف الّذي لا فوقه غاية، ولا له نهاية، وصلاة أمته وسلامهم عليه ليس له فيها شيء يجدد، ولا شرف يتعدد، وإنما هي فضل من اللَّه يعود على أمته بتكفير سيئاتهم، ومحو خطيئاتهم، وزيادة حسناتهم، وارتفاع درجاتهم، ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [ (١) ] ، فمن دعا إلى سنته صلّى اللَّه عليه وسلّم وأرشد إلى دينه وعلم الخير أمته، إذا قصد توفير هذا الحظ على المصطفى صلّى اللَّه عليه وسلّم وصرفه إليه، وقصد بدعائه الخلق إلى اللَّه أن يتقرب إلى اللَّه- تعالى- بإرشاد عباده، وأن يوفر أجور المطيعين له على الرسول صلّى اللَّه عليه وسلّم كان ذلك أرفع لقدره، وأعظم لأجره، فإن اللَّه- تعالى- يثيبه مع الأجر على دعوته وتعليمه بحسب هذه النية ثوابا جزيلا، ويؤتيه أجرا كبيرا، واللَّه الموفق بمنه وكرمه.