للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرّج في المناقب [ (١) ] بعد ما تقدم له من الروايات في هذا الباب من حديث أبي اليمان عن شعيب، عن الزهري قال: أخبرني سعيد بن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: إنكم تقولون: إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وتقولون: ما بال المهاجرين والأنصار لا يحدثون عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بمثل حديث أبي هريرة؟ وإن إخوتي من المهاجرين كان يشغلهم صفق بالأسواق، وكنت ألزم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم على ملء بطني، فأشهد إذا غابوا، وأحفظ إذا نسوا.

وكان يشغل إخوتي من الأنصار عمل أموالهم، وكنت امرأ مسكينا من مساكين الصفة أعي حين ينسون،

وقد قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في حديث يحدثه:

أنه لن يبسط أحد ثوبه حتى أقضى مقالتي هذه، ثم يجمع إليه ثوبه إلا وعى ما


[ (١) ] (المرجع السابق) ، الحديث الّذي يلي رقم (٢٤٩٣) ، بدون رقم، وآخر «يكثر الحديث عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بنحو حديثهم قوله: كنت أخدم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم على ملء بطني» أي ألازمه وأقنع بقوتي، ولا أجمع مالا لذخيرة ولا لغيرها، ولا أزيد على قوتي.
والمراد من حيث حصل القوت من الوجوه المباحة، وليس هو من الخدمة بالأجرة، وقوله: «يقولون: إن أبا هريرة يكثر الحديث واللَّه الموعد» معناه فيحاسبنى إن تعمدت كذبا، ويحاسب من ظن بي السوء وقوله: «يشغلهم، الصفق بالأسواق» هو بفتح الياء من يشغلهم، وحكى ضمها، وهو غريب. والصفق: هو كناية عن التبايع، وكانوا يصفقون بالأيدي من المتبايعين بعضها على بعض. والسوق مؤنثة، ويذكر وسميت به لقيام الناس فيها على سوقهم.
وفي هذا الحديث معجزة ظاهرة لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في بسط ثوب أبي هريرة. قوله: «كنت أسبح فقام قبل أن أقضى سبحتي» معنى أسبح: أصلى نافلة، وهي السبحة بضم السين، قبل:
المراد هنا صلاة الضحى، وقوله: «لم يكن يسرد الحديث كسردكم» أي يكثره ويتابعه واللَّه- تبارك وتعالى- أعلم (شرح النووي) .