للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأعطينّ هذه الراية رجلا يفتح اللَّه عليه يحب اللَّه ورسوله، ويحبه اللَّه ورسوله، فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم كلهم يرجون أن يعطاها.

فقال أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا: هو يا رسول اللَّه يشتكي عينيه، قال: فأرسلوا إليه فأتى به، فبصق رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في عينيه، ودعا له، فبرأ حتى كان لم يكن به وجع فأعطاه الراية، فقال علي: يا رسول اللَّه أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ قال: أنفد على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام،


[ () ] قوله:
في حديث سهل (فقال علي يا رسول اللَّه، أقاتلهم)
هو بحذف همزة الاستفهام.
قوله: (حتى يكونوا مثلنا)
أي حتى يسلموا
قوله: (فقال انفذ)
بضم الفاء بعدها معجمة.
قوله: (على رسلك)
بكسر الراء أي على هينتك.
قوله: (ثم ادعهم إلى الإسلام)
ووقع في حديث أبي هريرة، عند مسلم «فقال علي يا رسول اللَّه علام أقاتل الناس؟ قال: قاتلهم حتى يشهدوا أن إله إلا اللَّه وان محمدا عبده ورسوله» واستدل بقوله: «ادعهم»
أن الدعوة شرط في جواز القتال، والخلاف في ذلك مشهور فقيل:
يشترط مطلقا، وهو، عن مالك سواء من بلغتهم الدعوة أو لم تبلغهم، قال: إلا أن يعجلوا المسلمين، وقيل: لا مطلقا و، عن الشافعيّ مثله، وعنه لا يقاتل من لم تبلغهم حتى يدعوهم، وأما من بلغته فتجوز الإغارة عليهم بغير دعاء، وهو مقتضى الأحاديث، ويحمل ما في حديث سهل على الاستحباب بدليل أن في حديث أنس أنه صلّى اللَّه عليه وسلّم أغار على أهل خيبر لما لم يسمع النداء، وكان ذلك أول ما طرقهم، وكانت قصة على بعد ذلك، وعن الحنفية تجوز الإغارة عليهم مطلقا وتستحب الدعوة.
قوله: (فو اللَّه لأن يهدى اللَّه بك رجلا إلخ)
يؤخذ منه تألف الكافر حتى يسلم أولى من المبادرة إلى قتله (فتح الباري) ، هي الإبل الحمر، وهي أنفس أموال العرب، يضربون بها المثل في نفاسة الشيء وأنه ليس هناك أعظم منه، وقد سبق بيان أن تشبيه أمور الآخرة بأعراض الدنيا، وإنما هو التقريب من الأفهام، وإلا فذرة من الآخرة الباقية خير من الأرض بأسرها وأمثالها معها لو تصورت، وفي هذا الحديث بيان فضيلة العلم والدعاء إلى الهدى وسن السنن الحسنة (شرح النووي) .