للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فوضع رأسه في حجره، فتفل فيها صلّى اللَّه عليه وسلّم ومسحها بألية يده، قال: فانفتحت عين علي فرأيتها، وكأنها جزعة من حسنها، قال: فمشى والراية معه، فسمعت صياحه بالنداء، ووجهه إلى العدو وظهره إلى النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم وهو يقول: يا رسول اللَّه، علام أقاتل الناس؟ فقال صلّى اللَّه عليه وسلّم: على أن يقولوا لا إله إلا اللَّه وأنى محمد رسول اللَّه.

قال: فجاء إلى اليهود أجمع ما كانوا فشدوا عليه شدة رجل واحد، فيثبت، ثم حملوا عليه، فثبت، فحمل عليهم فانهزموا إلى الحصون، فلما رأوا إمرة علي داروه، وكان مرحب أشجع اليهود فصاحوا: يا مرحب اليوم.

قال: فخرّج مبادرا مدلا، فلما توافقا قال مرحب: ما اسمك يا فتى؟

قال: عليّ، فاطمأن قلبه، وأقبل نحو عليّ وهو يرتجز.

أنا الّذي سمتني أمي مرحب ... شاك سلاحي بطل مجرب

[إذا الليوث أقبلت نلهب ... وأحجمت، عن صولة المغلب] [ (١) ]

قال: فقال علي- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-:

أنا الّذي سمتني أمي حيدرة ... كليث غابات غليظ القسورة

ويروى:

أنا الّذي سمتني أمي حيدرة ... أضرب بالسيف رءوس الكفرة

أكيلهم بالصاع كيل السندرة

قال: فضربه على ضربه قده [ (٢) ] باثنتين

قال ابن عباس: كانت لعلي ضربتان إذا تطاول قد، وإذا تقاصر قط. قال ثعلب: اختلف الناس في قوله:

السندرة، فقال ابن الأعرابي: هو مكيال كبير مثل القنقل [ (٣) ] ، وقال غيره:


[ (١) ] هذا البيت زيادة للسياق من (دلائل البيهقي) .
[ (٢) ] القد: الشق طولا، والقط: الشق عرضا. قال تعالى: إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ.
[ (٣) ] السندرة: السرعة، والسندرة: الجرأة، والسندر: الجريء المتشبع، والسندرة: ضرب من الكيل غراف جراف واسع، والسندر: مكيال معروف:
وفي حديث على- عليه السلام:
أكيلكم بالسيف كيل السندرة
قال أبو العباس أحمد بن يحيى: لم تختلف الرواة أن هذه الأبيات
لعلي- عليه السلام: