بصريح، ولكنه قد قال كل ما قاله صلّى اللَّه عليه وسلّم، وصدق في ذلك ظنه، وعاش سعد حتى انتفع به قوم، واستضر به آخرون.
روى أن وهبا قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشبح، قال: سألت عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن قول رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم لأبيه عام حجة الوداع: لعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام، ويضر بك آخرون. فقال:
أمر سعد على العراق، فقتل أقواما على ردة، فأضربهم، واستتاب قوما سجعوا سجع مسيلمة، فتابوا، فانتفعوا به.
قال أبو عمر: مما يشبه قوله رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم لسعد هذا الكلام قوله للرجل الشعث: ما له ضرب اللَّه عنقه؟ فقال الرجل: في سبيل اللَّه؟ فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: في سبيل اللَّه، فقتل الرجل في تلك الغزوة
ومثله
قوله صلّى اللَّه عليه وسلّم في غزوة مؤتة أميركم زيد بن حارثة، فإن قتل فجعفر بن أبي طالب، فإن قتل فعبد اللَّه بن رواحة.
فقال بعض أصحابه: نعى إليهم أنفسهم، فقتلوا بالاسهم في تلك الغزاة، وتلك ومثل ذلك أيضا
قصة عامر بن سنان حين ارتجز رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في مسيره إلى خيبر، فقال له رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: غفر لك ربك يا عامر؟ فقال له عمر- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه: يا رسول اللَّه لو أسعدتنا به؟ قال: وذلك أنه ما استغفر لإنسان قط إلا استشهد،
فاستشهد عامر يوم خيبر، وهذا كله ليس بتصريح من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في القول، ولا يبقين في المراد والمعنى، ولكنه كان يخرج كله كما ترى.
وقد خلف سعد بن أبي وقاص- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- بعد حجة الوداع نحو خمسين وأربعين سنة، وتوفى في سنة خمس وخمسين.