للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تبارك وتعالى عنه- قال: قال أبو القاسم: والّذي نفس محمد بيده- لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا، ولضحكتم قليلا.

وخرّجه في الرقاق [ (١) ] من حديث يحيي بن بكير: حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، أن أبا هريرة كان يقول: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا.


[ () ] عرابة عند ابن ماجة والطبراني: «كان النبي صلّى اللَّه عليه وسلم إذا حلف قال: والّذي نفسي بيده» ،
ولابن أبي شيبة من طريق عاصم بن شميخ، عن أبي سعيد: «كان النبي صلّى اللَّه عليه وسلم إذا اجتهد في اليمين قال: لا والّذي نفسي بيده»
ولابن ماجة من وجه آخر في هذا الحديث: «كانت يمين رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم التي يحلف بها أشهد عند اللَّه، والّذي نفسي بيده»
ودل ما سوى الثالث من الأربعة، على أن النهى عن الحلف بغير اللَّه لا يراد به اختصاص لفظ الجلالة بذلك، بل يتناول كل اسم وصفة تختص به سبحانه وتعالى. وقد جزم ابن حزم، وهو ظاهر كلام المالكية والحنفية بأن جميع الأسماء الواردة في القرآن والسنة الصحيحة، وكذا الصفات صريح في اليمين تنعقد به، وتجب لمخالفته الكفارة، وهو وجه غريب عند الشافعية، وعندهم وجه أغرب منه، أنه ليس في شيء من ذلك صريح إلا لفظ الجلالة، وأحاديث الباب ترده، والمشهور عندهم وعند الحنابلة أنها ثلاثة أقسام: أحدها: ما يختص به كالرحمن. ورب العالمين، وخالق الخلق، فهو صريح فتنعقد به اليمين، سواء قصد اللَّه أو أطلق، ثانيهما: ما يطلق عليه، وقد يقال لغيرة، ولكن بقيد، كالرب، والحق، فتنعقد به اليمين، وإلا أن قصد به غير اللَّه. ثالثها: ما يطلق على السواء، كالحيّ، والموجود، والمؤمن، فإن نوى غير اللَّه أو أطلق فليس بيمين، وإن نوى به اللَّه انعقد على الصحيح، وإذا تقرر هذا، فمثل «والّذي نفسي بيده» ينصرف عند الإطلاق للَّه جزما، فإن نوى به غيره كملك الموت مثلا، لم يخرج عن الصراحة على الصحيح، وفيه وجه عن بعض الشافعية وغيرهم، ويلتحق به «والّذي فلق الحبة، ومقلب القلوب» وأما مثل «والّذي أعبده، أو أسجد له، أو أصلى له» فصريح جزما. (فتح الباري) .
[ (١) ]
(فتح الباري) : ١١/ ٣٨٧، كتاب الرقاق، باب (٢٧) قول النبي صلّى اللَّه عليه وسلم: «لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا لبكيتم كثيرا» حديث رقم (٦٤٨٥) ،
قال الحافظ: والمراد بالعلم هنا ما يتعلق بعظمة اللَّه وانتقامه ممن يعصيه، والأهوال التي تقع عند النزع، والموت، وفي القبر، ويوم القيامة. ومناسبة كثرة البكاء وقلة الضحك في هذا المقام واضحة، والمراد به التخويف، وقد