للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعيدى سمنكم في سقائه، وتمركم في وعائه، فإنّي صائم. ثم قام إلى ناحية من البيت فصلى غير المكتوبة، فدعا لأم سليم وأهل بيتها، فقالت أم سليم: يا رسول اللَّه! إن لي خويصة، قال: ما هي؟ قالت: خادمك أنيس، فما ترك خير آخرة، ولا دنيا إلا دعا له به: اللَّهمّ ارزقه مالا وولدا، وبارك له فيه،

فإنّي لمن أكثر الأنصار مالا. حدثتني ابنتي أمينة أنه دفن لصلبى مقدم الحجاج البصرة بضع وعشرون ومائة. وترجم عليه: باب من زار قوما، فلم يفطر عندهم.


[ () ] (٣) (فتح الباري) : ٤/ ٢٨٥، كتاب الصوم، باب (٦١) من زار قوما فلم يفطر عندهم، حديث رقم (١٩٨٢) ، وقال في آخره: قال ابن أبي مريم: أخبرنا يحيى بن أيوب، قال: حدثني حميد سمع أنسا رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم. قال الحافظ: ابن أبي مريم هو سعيد، وفائدة ذكر هذه الطريق بيان سماع حميد لهذا الحديث من أنس، لما اشتهر من أن حميدا كان ربما دلس عن أنس، ووقع في رواية الكريمي والأصيلي في هذا الموضوع: «حدثنا ابن أبي مريم» فيكون موصولا.
وفي هذا الحديث من الفوائد: جواز التصغير على معنى التلطف لا التحقير، وتحفه الزائر بما حضر بغير تكليف، وجواز رد الهدية إذا لم يشق ذلك على المهدي، وأن أخذ من رد عليه ذلك ليس من العود في الهبة. وفيه حفظ الطعام وترك التفريط فيه، وجبر خاطر المزور إذا لم يؤكل عنده بالدعاء له، ومشروعية الدعاء عقب الصلاة، وتقديم الصلاة أمام طلب الحاجة، والدعاء بخيرى الدنيا والآخرة، والدعاء بكثرة المال والولد، وأن ذلك لا ينافي الخير الأخروي، وأن فضل التقلل من الدنيا يختلف باختلاف الأشخاص. وفيه زيارة الإمام بعض رعيته، ودخول بيت الرجل في غيبته، لأنه لم يقل في طرق هذه القصة أن أبا طلحة كان حاضرا. وفيه إيثار الولد على النفس، وحسن التلطف في السؤال، وأن كثرة الموت في الأولاد لا ينافي إجابة الدعاء بطلب كثرتهم، ولا طلب البركة فيهم، لما يحصل من المصيبة بموتهم، والصبر على ذلك من الثواب.
وفيه التحدث بنعم اللَّه تعالى، وبمعجزات النبي صلّى اللَّه عليه وسلم لما في إجابة دعوته من الأمر النادر، وهو اجتماع كثرة المال مع كثرة الولد، وكون بستان المدعو له صار يثمر مرتين في السنة دون غيره. وفيه التاريخ بالأمر الشهير، ولا يتوقف ذلك على صلاح المؤرخ به، وفيه جواز ذكر البضع فيما زاد على عقد العشر، خلافا لمن قصره على ما قبل العشرين. (فتح الباري) .