للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال له النبي صلّى اللَّه عليه وسلم: [أسلم] [ (١) ] تسلم؟ فقال له ركانة: ما بي إلا أن أكون رأيت عظيما، ولكنى أكره أن يتحدث نساء أهل المدينة وصبيانهم، أنى إنما أجبتك لرعب دخل على قلبي [ (٢) ] منك، ولكن قد علمت نساء أهل المدينة وصبيانهم أنه لم يضع جنبي أحد قط، ولم يدخل قلبي رعب قط ليلا، ولا نهارا، ولكن دونك فاختر غنمك.

فقال النبي صلّى اللَّه عليه وسلم: ليس لي حاجة إلى غنمك إذا أبيت أن تسلم، فانطلق نبي اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم راجعا، وأقبل أبو بكر وعمر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما يلتمسانه في بيت عائشة رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها، فأخبرتهما أنه قد توجه قبل وادي إضم، وقد عرفا أنه وادي ركانة لا يكاد يخطئه.

فخرجا في طلبه وأشفقا أن يلقاه ركانة فيقتله، فجعلا يصعدان على كل شرف، ويتشوفان مخرجا، إذ نظرا إلى نبي اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم مقبلا، فقالا: يا رسول اللَّه! كيف تخرج إلى هذا الوادي وحدك؟ وقد عرفت أنه جهة ركانة، وأنه من أفتك الناس وأشدهم تكذيبا لك، فضحك النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، ثم قال: أليس اللَّه عز وجل يقول لي: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [ (٣) ] إنه لم يكن يصل إليّ واللَّه معي، فأنشأ يحدثهما حديثه، والّذي فعل به، والّذي أراه، فعجبا من ذلك، وقالا: يا رسول اللَّه: أصرعت ركانة؟ فلا والّذي بعثك بالحق ما نعلم أنه وضع جنبه إنسان قط.

فقال لهما النبي صلّى اللَّه عليه وسلم: إني دعوت ربي فأعاننى عليه، وإن ربي عز وجل أعانني ببضع عشرة وقوة عشرة [ (٤) ] .


[ (١) ] زيادة للسياق من (دلائل البيهقي) .
[ (٢) ] في (الأصل) : «على» وما أثبتناه من (دلائل البيهقي) .
[ (٣) ] المائدة: ٦٧.
[ (٤) ] وأخرجه الحاكم في (المستدرك) : ٣/ ٥١١، كتاب معرفة الصحابة، ذكر مناقب ركانة بن عبد يزيد، حديث رقم (٥٩٠٣) مختصرا جدا، وقد حذفه الحافظ الذهبي من (التلخيص) .