وخرّج الحاكم من طريق عبد اللَّه بن الزبير الحميدي حدثنا على بن يزيد بن أبي حكيمة، عن أبيه وغيره، عن سلمة بن الأكوع أن عامر بن الطفيل لم يدخل المدينة إلا بأمان من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فلما جاء النبي صلّى اللَّه عليه وسلم قال له: أسلم تسلم قال: نعم، على أن لي الوبر ولك المدر.
قال: هذا لا يكون أسلم تسلم يا عامر، يا عامر اذهب حتى تنظر في أمرك إلى غد فأرسل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم إلى الأنصار، فقال: ماذا ترون؟ إني دعوت الرجل فأبى أن يسلم إلا أن يكون له الوبر ولي المدر، فقالوا: ما شاء اللَّه، ثم شئت يا رسول اللَّه ما أخذوا منا عقالا إلا أخذنا منهم عقالين، فاللَّه ورسوله أعلم، فرجع عامر إلى النبي صلّى اللَّه عليه وسلم الغد، فقال له النبي صلّى اللَّه عليه وسلم: تسلم يا عامر؟ قال: لا إلا أن يكون لي الوبر ولك المدر.
فقال النبي صلّى اللَّه عليه وسلم: ليس إلى ذلك، فأبى إلا أن يكون له الوبر، وللنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم المدر، فأبى النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، فقال عامر: أما واللَّه لأملأنها عليك خيلا ورجالا، فقال له النبي صلّى اللَّه عليه وسلم يأبى اللَّه ذلك عليك، وأبناء قيلة الأوس والخزرج، ثم ولى عامر، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: اللَّهمّ اكفنيه، فرماه اللَّه بالذبحة قبل أن يأتى أهله،
قال:
فقال عامر حين أخذته الذبحة: يا آل عامر كغدة البكر، فهلك ساعة أخذته دون أهله [ (١) ] .
وقال يونس بن محمد بن إسحاق، قال: قدم على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم وقد بني عامر، فيهم عامر بن الطفيل، وأربد بن قيس، وخالد بن جعفر، وجبار بن سلمى بن مالك. فكان هؤلاء النفر رؤساء القوم وشياطينهم، فقدم عامر بن الطفيل عدو اللَّه على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم وهو يريد أن يغدر به، فقال له قومه:
يا عامر إن الناس قد أسلموا، فقال: واللَّه لقد كنت آليت ألا ننتهي حتى تتبع العرب عقبى، فأنا أتبع هذا الفتى من قريش، ثم قال لأربد: إذا قدمنا على الرجل فإنّي شاغل عنك وجهه، فإذا فعلت ذلك فاعله بالسيف.
[ (١) ] (المستدرك) : ٤/ ٩٢- ٩٣، كتاب معرفة الصحابة، ذكر فضيلة أخرى للأوس والخزرج، لم يقدر ذكرها من فضائل الأنصار، حديث رقم (٦٩٨٣) ، وقد سكت عنه الحافظ الذهبي في (التلخيص) .