للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن عبد البر في ترجمة الحكم بن أبي العاصي [ (١) ] بن أميه بن عبد شمس، ذكروا أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم كان إذا مشى يتكفأ، فكان الحكم بن أبي العاص يحكيه، فالتفت النبي صلّى اللَّه عليه وسلم يوما، فرآه يفعل ذلك، فقال صلّى اللَّه عليه وسلم: فكذلك فلتكن، وكان


[ (١) ] هو الحكم بن أبي العاصي بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي الأموي، عم عثمان بن عفان، أبو مروان بن الحكم، كان من مسلمة الفتح، وأخرجه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم من المدينة وطرده عنها، فنزل الطائف، خرج معه ابنه مروان. وقيل: إن مروان ولد بالطائف إلى أن ولى عثمان، فرده عثمان إلى المدينة، وبقي فيها وتوفى في آخر خلافة عثمان، قبل القيام على عثمان بأشهر فيما أحسب، واختلف في السبب الموجب لنفى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم إياه، فقيل: كان يتحيل ويستخفى ويتسمع ما يسره رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم إلى كبار الصحابة في مشركي قريش وسائر الكفار والمنافقين، فكان يفشي ذلك عنه حتى ظهر ذلك عليه، وكان يحكيه في مشيته وبعض حركاته، إلى أمور غيرها كرهت ذكرها.
ذكروا أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم كان إذا مشى يتكفأ، وكان الحكم بن أبي العاصي يحكية، فالتفت النبي صلّى اللَّه عليه وسلم يوما فرآه يفعل ذلك. فقال صلّى اللَّه عليه وسلم:
فكذلك فلتكن، فكان الحكم مختلجا يرتعش من يومئذ فعيره عبد الرحمن بن حسان بن ثابت، فقال في عبد الرحمن بن الحكم يهجوه:
إن اللعين أبوك فارم عظامه ... إن ترم ترم مخلّجا مجنونا
يمسى خميص البطن من عمل التقي ... ويظل من عمل الخبيث بطينا
فأما قول عبد الرحمن بن حسان: إن اللعين أبوك، فروى عن عائشة من طرق ذكرها ابن أبي خيثمة وغيره أنها قالت لمروان، إذ قال في أخيها عبد الرحمن ما قال [لما امتنع عن البيعة ليزيد بن معاوية بولاية العهد] : أما أنت يا مروان فأشهد أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم لعن أباك وأنت في صلبه. وحدثنا عبد الوارث بن سفيان، حدثنا قاسم، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا عثمان بن حكيم، قال: حدثنا شعيب بن محمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم يدخل عليكم رجل لعين. قال عبد اللَّه: وكنت قد تركت عمرا يلبس ثيابه ليقبل إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، فلم أزل مشفقا أن يكون أول من يدخل فدخل الحكم بن أبي العاصي.
(الاستيعاب) : ١/ ٣٥٩- ٣٦٠، ترجمة رقم (٥٢٩) .