للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرّج في كتاب الصلاة أيضا [ (١) ] من حديث إسرائيل، عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون، عن عبد اللَّه قال: بينما رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم قائم يصلّى عند الكعبة


[ () ] وإنما استحقوا الدعاء حينئذ لما أقدموا عليه من الاستحقاق به حال عبادة ربه، وفيه استحباب الدعاء ثلاثا، وفيه جواز الدعاء على الظالم، ولكن قال بعضهم: محله ما إذا كان كافرا، فأما المسلم فيستحب الاستغفار له، والدعاء بالتوبة، ولو قيل: لا دلالة فيه على الدعاء على الكفار لما كان بعيدا لاحتمال أن يكون اطلع صلّى اللَّه عليه وسلم على أن المذكورين لا يؤمنون، والأولى أن يدعى لكل حي بالهداية. وفيه قوة نفس فاطمة الزهراء من صغرها، لشرفها في قومها ونفسها، لكونها صرحت بشتمهم وهم رءوس قريش، فلم يردوا عليها. وفيه أن المباشرة آكد من السب والإعانة لقوله في عقبة «أشقى القوم» ، مع أنه كان فيهم أبو جهل، وهو أشد منه كفرا وأذى للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم، لكن الشقاء هنا بالنسبة إلى هذه القصة لأنهم اشتركوا في الأمر والرضا، وانفرد عقبه بالمباشرة فكان أشقاهم ولهذا قتلوا في الحرب، وقتل هو صبرا. واستدل به على أن من حدث له في الصلاة ما يمنع انعقادها ابتداء لا تبطل صلاته ولو تمادى، وعلى هذا ينزل كلام المصنف، فلو كانت نجاسة فأزالها في الحال ولا أثر لها صحت اتفاقا، واستدل به على طهارة فرث ما يؤكل لحمه، وعلى أن إزالة النجاسة ليست بفرض، وهو ضعيف، وحمله على ما سبق أولى. وتعقب الأول بأن الفرث لم يفرد، بل كان مع الدم كما في رواية إسرائيل، والدم نجس اتفاقا، وأجيب بأن الفرث والدم كانا داخلي السلى وجلدة السلى الظاهرة طاهرة. فكان كحمل القارورة المرصصة وتعقب بأنها ذبيحة وثني، فجميع أجزائها نجسة لأنها ميتة، وأجيب بأن ذلك كان قبل التعبد بتحريم ذبائحهم، وتعقب بأنه يحتاج إلى تاريخ ولا يكفى فيه الاحتمال، وقال الإمام النووي: الجواب المرضى أنه صلّى اللَّه عليه وسلم لم يعلم ما وضع على ظهره، فاستمر في سجوده استصحابا لأصل الطهارة، وتعقب بأنه يشكل على قولنا بوجوب الإعادة في مثل هذه الصورة. وأجاب بأن الإعادة إنما تجب في الفريضة، فإن ثبت أنها فريضة، فالوقت موسع، فلعله صلّى اللَّه عليه وسلم أعاد، وتعقب بأنه لو أعاد لنقل، ولم ينقل، وبأن اللَّه تعالى لا يقره على التمادي في صلاة فاسدة، وقد تقدم أنه صلّى اللَّه عليه وسلم خلع نعليه وهو في الصلاة، لأن جبريل أخبره أن فيهما قذرا، ويدل على أنه علم بما ألقي على ظهره أن فاطمة ذهبت به قبل أن يرفع رأسه، وعقب هو صلاته بالدعاء عليهم.
(فتح الباري) .
[ (١) ] باب (١٠٩) المرأة تطرح عن المصلّى شيئا من الأذى، حديث رقم (٥٢٠) .