للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرج أبو نعيم [ (١) ] من حديث معاوية بن صالح، عن على بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه قال: أقبلت عير أهل مكة تريد الشام فبلغ أهل المدينة، فخرجوا ومعهم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم يريدون العير فبلغ أهل مكة ذلك فأسرعوا السير إليها لكي لا يغلب عليها النبي صلّى اللَّه عليه وسلم وأصحابه فسبقت العير رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم وكان اللَّه وعدهم إحدى الطائفتين، وكانوا إن بلغوا العير أحب إليهم، وأيسر شوكة، وأحضر مغنما، فلما سبقت العير وفاتت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، وسار رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم بالمسلمين بينهم وبين الماء رسلة دعصة [ (٢) ] ، فأصحاب المسلمين ضعف شديد فألقى الشيطان في قلوبهم القنط ويوسوسهم:

تزعموا أنكم أولياء اللَّه وفيكم رسوله وقد غلبكم المشركون على الماء وأنتم تصلون مجنبين؟ فأمطر اللَّه عليهم مطرا شديدا فشرب المسلمون وتطهروا، وأذهب اللَّه رجز الشيطان وانتسق الرمل [ (٣) ] حين أصابه المطر ومشى الناس عليه والدواب فساروا إلى القوم وأمدّ اللَّه نبيه والمؤمنين بألف من الملائكة مجنبة، وميكائيل في خمسمائة، قال: اصطف القوم قال أبو جهل: اللَّهمّ أولانا بالحق فانصره،

ورفع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم يده فقال: اللَّهمّ إنك ان تهلك هذه العصابة لم تعبد في الأرض فقال جبريل: خذ قبضة من التراب، فأخذ قبضة من التراب فرمى بها وجوههم فما من المشتركين أحد إلا أصاب عينيه، ومخريه، وفمه تراب من تلك القبضة فولوا مدبرين.

ومن حديث الأعمش [ (٤) ] ، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، أو أبي عبيدة، عن عبد اللَّه قال لما كان يوم بدر قام رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم ثم قعد يدعو قال:

اللَّهمّ عهدك الّذي عهدت إليّ، اللَّهمّ وعدك الّذي وعدتني، اللَّهمّ إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد في الأرض أبدا.


[ (١) ] (دلائل أبي نعيم) : ٤٦٩، ذكر ما جرى من الآيات في غزواته وسراياه صلّى اللَّه عليه وسلم، ما حدث من المعجزات في غزوة بدر، حديث رقم (٤٠٠) .
[ (٢) ] أي أرض مرملة، رملها زلق تغوص الأقدام فيه.
[ (٣) ] انتسق الرمل: انتظم بعضه إلى بعض وزال زلفة.
[ (٤) ] (المرجع السابق) : ٤٧٤، حديث رقم (٤٠٨) بسند آخر وسياقه أتم.