للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى تقوم عليهم الساعة،

قال أبو عبد الرحمن: فسره رجل هو الجنادب التي لم تنبت أجنحتها» .

قال المؤلف- رحمه اللَّه-: ويؤيد ذلك كله ما خرجه البخاري [ (١) ] في باب أيام الجاهلية من آخر المناقب من حديث أبي عوانة عن بيان بن بشر أبي بشر عن قيس بن أبي حازم قال: دخل أبو بكر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه على امرأة من أحمس يقال لها زينب فرآها لا تتكلم فقال: ما لها لا تتكلم؟ قالوا:

حجت مصمته قال لها: تكلمي فإن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية، فتكلمت فقالت: من أنت؟ قال: امرؤ من المهاجرين قالت: أي المهاجرين؟ قال: من قريش، قالت: من أي قريش أنت؟ قال: إنك لسئول، أنا أبو بكر، قالت: ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الّذي جاء اللَّه به بعد الجاهلية؟ قال: بقاؤكم عليه ما استقامت أئمتكم، قالت: وما الأئمة؟ قال: أما كان لقومك رءوس وأشراف يأمرونهم فيطيعونهم؟ قالت: بلى، قال: فهم أولئك على الناس.

وخرج الإمام أحمد [ (٢) ] من حديث يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن سعيد بن طارق عن أبي حازم، عن أبي هريرة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم أسرع قبائل العرب فناء قريش، أن تمر المرأة بالنعل فتقول: هذا نعل قرشي.

قال المؤلف- رحمه اللَّه-: قد صدق اللَّه ورسوله فقد كان من بعد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم خلفاء قضوا بالهدى ودين الحق، ثم قامت خلفاء خلطوا وبدلوا سنن الهدى، فسلط اللَّه عليهم أولا شيعة بنى العباس، وهم العجم أهل خراسان، فاجتاحوا بنى أمية الذين بدلوا نعمه اللَّه كفرا، واتخذوا دين اللَّه دغلا، ومال اللَّه دولا، وعبيد اللَّه خولا، حتى أفنوهم إلا قليلا مشردين في أقطار الأرض، جزاء بما كسبوا، فلما ملك بنو العباس عتوا وتجبروا وطغوا فسلط اللَّه تعالى عليهم مماليكهم الأتراك، فقتلوا المتوكل جعفر بن محمد، ثم قتلوا المستعين


[ (١) ] (فتح الباري) : ٧/ ١٨٦- ١٨٧، كتاب مناقب الأنصار، (٢٦) أيام الجاهلية، حديث رقم (٣٨٣٤) .
[ (٢) ] (مسند أحمد) : ٢/ ٦٤٣، حديث رقم (٨٢٣٢) .