للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرج الترمذي من حديث سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن مسعود، عن أبيه، عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم قال: نضّر اللَّه امرأ سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهنّ قلب مسلم: إخلاص العمل للَّه، ومناصحة أئمة المسلمين، ولزوم جماعتهم، فإن الدعوة تحيط من ورائهم [ (١) ] .

وخرج البخاري [ (٢) ] ومسلم [ (٣) ] والنسائي من حديث عبد اللَّه بن عون، عن محمد بن سيرين، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، ذكر أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم قعد على بعيره وأمسك إنسان بخطامه- أو بزمامه- قال: أي يوم هذا؟

فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه. قال: أليس يوم النحر؟ قلنا: بلى.

قال: فأى شهر هذا؟ فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال: أليس بذي الحجة؟ قلنا: بلى. قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. ليبلغ الشاهد الغائب، فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى منه.


[ () ] بتخفيف الضاد وتثقيلها، وأجودهما: التخفيف وفي قوله «فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه» دليل على كراهة اختصار الحديث لمن ليس بالمتناهى في الفقه، لأنه إذا فعل ذلك فقد قطع طريق الاستنباط والاستدلال لمعاني الكلام من طريق التفهم، وفي ضمنه وجوب التفقه والحث على استنباط معاني الحديث واستخراج المكنون من سره (معالم السنن) .
[ (١) ] راجع التعليق السابق.
[ (٢) ] (فتح الباري) : ١/ ٢٠٩، كتاب العلم، باب (٩) حديث رقم (٦٧) وفي هذا الحديث من الفوائد الحث على تبليغ العلم، وجواز التحمل قبل كمال الأهلية، وأن الفهم ليس شرطا في الأداء، وأنه قد يأتى في الآخرة من يكون الأهم ممن تقدمه لكن بقلة، واستنبط ابن المنير من تعليل كون المتأخر أرجح نظرا من المتقدم أن تفسير الراوي أرجح من تفسير غيره. وفيه جواز القعود على ظهر الدواب وهي وافقه إذا احتيج إلى ذلك، وحمل النهى الوارد في ذلك على ما إذا كان لغير ضرورة وفيه الخطبة على موضع عال ليكون أبلغ في إسماعه للناس ورؤيتهم إياه.
[ (٣) ] (مسلم بشرح النووي) : ١١/ ١٨١- ١٨٢، كتاب القسامة باب (٩) حديث رقم (٣٠) .