للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متزوّجة في بني هلال، وكانوا أسلموا فأسلمت معهم، وكانوا دعوه إلى الإسلام [فأبى] [ (١) ]- وكان مجلس القوم بفناء بيتها، فأتى البيت من وراء ظهره. فلما رأته ابنته عريانا ألقت عليه ثوبا وقالت: مالك؟ قال كلّ الشرّ! ما ترك لي أهل ولا مال! أين بعلك؟ قالت: في الإبل! فأتاه فأخبره، فقال: خذ راحلتي برحلها، ونزودك من اللبن: قال: لا حاجة لي فيه، ولكن أعطني قعود [ (٢) ] الرّاعي وإدواة من ماء [ (٣) ] ، فإنّي أبادر محمدا لا يقسم أهلي ومالي! فانطلق وعليه ثوب: إذا غطى به رأسه خرجت استه، وإذا غطى استه خرج رأسه. فانطلق حتى دخل المدينة ليلا، فكان بحذاء [ (٤) ] رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم.

فلما صلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم الفجر، قال له: يا رسول اللَّه! أبسط يدك لأبايعك! فبسط رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم، فلما ذهب رعية ليمسح عليها، قبضها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم، ثم قال له رعية: يا رسول اللَّه! أبسط يدك، قال: ومن أنت؟ قال رعية السحيميّ! قال: فأخذ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم بعضده فرفعه [ (٥) ] ثم قال: أيها الناس! هذا رعية السحيمي الّذي كتبت إليه فأخذ كتابي فرقع بها دلوه!! أسلم، ثم قال: يا رسول اللَّه! أهلي ومالي! فقال: أما مالك فقد قسم بين المسلمين، وأما أهلك فانظر من قدرت عليه منهم! قال [رعية] [ (٦) ] ، فخرجت فإذا ابن لي قد عرف الراحلة، وإذا هو قائم عندها، فأتيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم فقلت: هذا ابني! فأرسل معى بلالا فقال: انطلق معه فسله: أبوك هو؟ فإن قال نعم، فادفعه إليه، قال [رعية] [ (٧) ] : فأتاه بلال فقال: أبوك هو؟ قال: نعم، فدفعه إليه. قال: فأتي بلال رضي اللَّه عنه النبي صلى اللَّه عليه وسلّم فقال: واللَّه ما رأيت واحدا منه مستعبرا إلى صاحبه! فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم:

ذلك جفاء الأعراب!

وقال أبو عمر بن عبد البر رعية السّحيميّ، [ويقال: الرّبعي، ويقال العرنيّ وهو الصواب. يروي أنه من سحيمة عرينة] كتب إليه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم قطعة أدم،


[ (١) ] في (خ) بعد قوله «دعوه إلى الإسلام» ما نصه: «فأتي ابنته» ، وما أثبتناه من (ط) .
[ (٢) ] القعود في الإبل: ما يتخذه الراعي للركوب وحمل متاعه وزاده.
[ (٣) ] الإداوة: إناء صغير من جلد يتخذ للماء.
[ (٤) ] في (خ) «بجدار» .
[ (٥) ] في (خ) «فرفعها» .
[ (٦) ] زيادة للسياق والإيضاح من (ط) .
[ (٧) ] زيادة للبيان والإيضاح من (ط) .