للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرّجه مسلم [ (١) ] وأبو داود [ (٢) ] ، وقال مالك: عن ابن شهاب، عن سليمان بن يسار قال: كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم لا يأكل الثوم، ولا الكراث، ولا البصل، من أجل الملائكة، ومن أجل أنه يكلم جبريل- عليه السلام-.

قال ابن عبد البر: في هذا الحديث من الفقه إباحة أكل الثوم لسائر الناس، لأن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم إنما امتنع من أكل الثوم والبصل والكراث لعلة ليست موجودة في غيره، فصار ذلك خصوصا له.

وقد اختلف هل كان ذلك حراما عليه صلّى اللَّه عليه وسلّم؟ فيه لأصحابنا وجهان:

أحدهما: يحرم، وبه جزم الماوردي كيلا يتأذى به الملك، وأشبههما لا يحرم عليه، بل كان أكل ذلك مكروها في حقه صلّى اللَّه عليه وسلّم وإنما كان يمتنع منه ترفعا.

والدليل على ذلك ما

خرّجه مسلم من طريق شعبة، عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة، عن أبي أيوب الأنصاريّ- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-، قال كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم إذا أتى بطعام أكل منه، وبعث بفضلة إليّ، وأنه بعث إليّ يوما بفضلة لم يأكل منها، لأن فيها ثوما فسألته: أحرام هو؟ قال: لا، ولكني أكرهه من أجل ريحه، قال: فإنّي أكره ما كرهت.

وخرّجه الترمذيّ [ (٣) ] وقال: هذا حديث حسن صحيح.

وخرّجه مسلم [ (٤) ] أيضا من طريق عاصم، عن عبد اللَّه بن الحارث، عن أفلح مولى أبي أيوب، عن أبي أيوب، وفيه قصة، وفي آخره: وكان


[ (١) ] (مسلم بشرح النووي) : ٥/ ٥٢- ٥٣، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب (١٧) نهي من آكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو نحوها، حديث رقم (٧٢) .
[ (٢) ] (سنن أبي داود) : ٤/ ١٧٠) ، كتاب الأطعمة، باب (٤١) أكل الثوم، حديث رقم (٣٨٢٢) ، وقوله: «فليعتزل مسجدنا» إنما أمره باعتزال المسجد عقوبة له وليس هذا كالمطر والريح العاصف ونحوهما من الأمور، وقد رأيت بعض الناس صنف في الأعذار المانعة عن حضور الجماعة بابا ووضع فيها أكل الثوم والبصل وليس هذا من ذاك في شيء، واللَّه- تعالى- أعلم.
[ (٣) ] (سنن الترمذيّ) : ٤/ ٢٩٩- ٢٣٠، كتاب الأطعمة، باب (١٣) ما جاء في كراهية أكل الثوم والبصل، حديث رقم (١٨٠٦) .
[ (٤) ] (سبق تخريجه) .