للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنا النبي لا كذب ... أن ابن عبد المطلب

فقد تأتى مثل ذلك في آيات القرآن الكريم، بل في كل كلام، وليس كل ذلك بشعر، ولا في معناه، كقوله- تعالى-: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [ (١) ] ، وقوله- تعالى-: نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [ (٢) ] وقوله- تعالى-: وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ [ (٣) ] ، إلى غير ذلك من الآيات، لأن ما وافق وزنه وزن الشعر، ولم يقصد به الشعر، ليس بشعر، إذ لو كان شعرا لكان كل من نطق بكلام موزون من عامة الناس الذين لا يعرفون الوزن، يصدق عليه أنه شاعر، ولم يقل بهذا أحد من العقلاء.

وقال أبو حسن الأخفش في قوله- عليه السلام-:

أنا النبي لا كذب

ليس بشعر، وقال في كتاب (العين) : ما جاء من السجع على جزأين لا يكون شعرا، وروى عن الأصمعي أنه من منهوك الرجز، وقد قيل: لا يكون من منهوك الرجز إلا بالوقوف على الباء من قوله: «لا كذب» ، ومن قوله: «عبد المطلب» ، ولم يعلم كيف قاله صلّى اللَّه عليه وسلّم.

وقال ثابت: قال الخليل: المشطور ليس من الشعر، وكذلك المنهوك، قيل: فما هما؟ قال أنصاف مسجعة، فرد ذلك عليه، فقال: لأحتجن عليهم بحجة، إن لم يقرءوا بها كفروا، لو كان شعرا ما جرى على لسان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، لأن اللَّه- تعالى- يقول: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ [ (٤) ] .


[ (١) ] آل عمران: ٩٢، قال الشاعر:
يا عباد اللَّه هبوا ... ليس غير اللَّه ربّ
إن في القرآن آية ... ذكرها للقلب طب
لن تنالوا البر حتى ... تنفقوا مما تحبّوا
[ (٢) ] الصف: ١٣.
[ (٣) ] سبأ: ١٣.
[ (٤) ] ياسين: ٦٩.