للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النعمان بن شراحبيل ومعها دايتها حاضنة لها فلما دخل عليها النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قال:

هبي نفسك لي قالت: وهل تهب الملكة نفسها للسوقة؟ قال: فأهوى بيده يضع يده عليها لتسكن فقالت: أعوذ باللَّه منك قال: قد عذت بمعاذ ثم خرج علينا فقال: يا أبا أسيد، اكسها رازقين وألحقها بأهلها.

وقال الحسين بن الوليد النيسابورىّ: عن عبد الرحمن، عن عباس، عن سهل عن أبيه وأبي أسيد قالا: تزوج النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم أميمة بنت شراحيل فلما أدخلت عليه بسط يده إليها، فكأنها كرهت ذلك، فأمر أبا أسيد أن يجهزها ويكسوها ثوبين رازقين.

ترجم عليه البخاريّ باب [باب من طلق] [ (١) ] ، هل يواجه الرجل امرأته بالطلاق؟.


[ (١) ] زيادة للسياق من (المرجع السابق) .
والسوقة بضم السين المهملة، يقال للواحد من الرعية والجمع، قيل لهم ذلك لأن الملك يسوقهم فيساقون إليه ويصرفهم على مراده، وأما أهل السوق فالواحد منهم سوقيّ. قال ابن المنير: هذا من بقية ما كان فيها من الجاهلية، والسوق عندهم من ليس بملك كائنا من كان، فكأنها استبعدت أن يتزوج الملكة من ليس بملك، ولم يؤاخذها النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم بكلامها معذرة لها لقرب عهدها بجاهليتها. وقال غيره: يحتمل أنها لم تعرفه صلّى اللَّه عليه وسلّم فخاطبته بذلك، وسياق القصة من مجموع طرقها يأبى هذا الاحتمال.
وسيأتي في الحديث التالي من طريق أبي حازم عن سهل بن سعد قال: «ذكر للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم امرأة من العرب، فأمر أبا أسيد الساعديّ أن يرسل إليها، فقدمت، فنزلت في أجم بني ساعدة، فخرج النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم حتى جاء بها فدخل عليها فإذا امرأة منكسة رأسها، فلما كلمها قالت: أعوذ باللَّه منك، قال: لقد اعذت مني.
فقالوا لها: أتدرين من هذا؟ هذا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم جاء ليخطبك، قالت: كنت أشقى من ذلك» . فإن كانت القصة واحدة فلا يكون قوله في حديث الباب:
«ألحقها بأهلها» ،
ولا قوله في حديث عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه-:
«الحقي بأهلك»
تطليقا، ويتعين أنها لم تعرفه.
وإن كانت القصة متعددة- ولا مانع من ذلك- فلعل هذه المرأة هي الكلابية التي وقع فيها الاضطراب.