للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلبن ابنها «مسروح» أياما قلائل [ (١) ] وكانت أرضعت قبل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم عمه «حمزة بن عبد المطلب» [ (٢) ] ، وأرضعت بعد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم «أبا سلمة بن عبد


[ () ] إلى حقارة ما سقي من ماء. قوله: «بعتاقتي» بفتح العين، وفي رواية عبد الرزاق «بعتقي» وهو أوجه، والوجه الأولى أن يقول: «بإعتاقي» لأن المراد التخليص من الرق.
وفي الحديث دلالة على أن الكافر قد ينفعه العمل الصالح في الآخرة، ولكنه مخالف لظاهر القرآن، قال تعالى: وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً (آية ٢٣/ الفرقان) ، وأجيب:
أولا: بأن الخبر مرسل، أرسله عروة، ولم يذكر من حدّثه به، وعلى تقدير أن يكون موصولا، فالذي في الخبر رؤيا منام، فلا حجة فيه، ولعلّ الّذي رآها لم يك إذ ذاك أسلم، فلا يحتج به. وثانيا:
على تقدير القبول، فيحتمل أن يكون ما يتعلق بالنبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم مخصوصا من ذلك، بدليل قصة أبي طالب كما تقدم، أنه خفف عنه، فنقل من الغمرات إلى الضّحضاح.
وقال البيهقي: ما ورد من بطلان الخبر للكفار، فمعناه أنهم لا يكون لهم التخلص من النار، ولا دخول الجنة، ويجوز أن يخفف عنهم من العذاب الّذي يستوجبونه على ما ارتكبوه من الجرائم، سوى الكفر بما عملوه من الخيرات.
وأما القاضي عياض فقال: انعقد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم، ولا يثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب، وإن كان بعضهم أشد عذابا من بعض.
قلت: وهذا لا يرد الاحتمال الّذي ذكره البيهقي، فإن جميع ما ورد من ذلك فيما يتعلق بذنب الكفر، وأما ذنب غير الكفر، فما المانع تخفيفه؟.
وقال القرطبي: هذا التخفيف خاص بهذا، وبمن ورد النص فيه. وقال ابن المنير في الحاشية: هنا قضيتان: إحداهما محال، وهي اعتبار طاعة الكافر مع كفره، لأن شرط الطاعة أن تقع بقصد صحيح، وهذا مفقود من الكافر.
والثانية: إثابة الكافر على بعض الأعمال، تفضلا من اللَّه تعالى، وهذا لا يحيله العقل، فإذا تقرر ذلك لم يكن عتق أبي لهب لثويبة قربة معتبرة، ويجوز أن يتفضل اللَّه عليه بما شاء، كما تفضل على أبي طالب، والمتبع في ذلك التوقيف نفيا وإثباتا. قلت: وتتمّة هذا أن يقع التفضل المذكور إكراما لمن وقع من الكافر من البرّ له ونحو ذلك. واللَّه أعلم. (فتح الباري ج ٩ ص ١٧٣، ١٧٤- كتاب النكاح- باب: وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم، ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) .
[ (١) ] في (خ) «دلائل» وكتب تحتها بخط آخر «قلائل» .
[ (٢) ] هو حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، الإمام البطل الضرغام، أسد اللَّه أبو عمارة، وأبو يعلي القرشي الهاشمي، المكّي، ثم المدنيّ، البدريّ، الشهيد، عم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وأخوه من الرضاعة.
قال ابن إسحاق: لما أسلم حمزة علمت قريش أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قد عزّ وامتنع، وأن حمزة سيمنعه، فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه.
(ابن هشام) ٢/ ١٢٩، (ابن الأثير) في أسد الغابة ٢/ ٥٢، (الهيثمي) ٩/ ٢٦٧ ونسبه للطبرانيّ وقال: مرسل ورواته ثقات، وأخرجه (الحاكم) ٣/ ١٩٣.
قال أبو إسحاق: عن حارثة بن مضرّب، عن علي قال: قال لي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: ناد حمزة،