حرقوص بن زهير فمنعه ستة آلاف، فإن تركتموهم كنتم تاركين لما تقولون، وإن قاتلتموهم والذين اعتزلوكم فأديلوا عليكم، فالذي حذرتم وقويتم به هذا الأمر أعظم مما أراكم تكرهون، وإن أنتم منعتم مضر وربيعة من هذه البلاد اجتمعوا على حربكم وخذلانكم نصرة لهؤلاء كما اجتمع هؤلاء لأهل هذا الحديث العظيم والذنب الكبير.
قالت عائشة: فماذا تقول أنت؟ قال: أقول: إن هذا الأمر دواؤه التسكين، فإذا سكن اختلجوا، فإن أنتم بايعتمونا فعلامة خير، وتباشير رحمة، ودرك بثأر، وإن أنتم أبيتم إلا مكابرة هذا الأمر واعتسافه كانت علامة شر، وذهاب هذا المال، فآثروا العافية ترزقوها، وكونوا مفاتيح الخير كما كنتم، ولا تعرضونا للبلاء فتعرضوا له فيصرعنا وإياكم، وأيم اللَّه إني لأقول هذا القول وأدعوكم إليه! وإني لخائف أن لا يتم حتى يأخذ اللَّه حاجته من هذه الأمة التي قل متاعها ونزل بها ما نزل، فإن هذا الأمر الّذي حدث أمر ليس يقدر، وليس كقتل الرجل الرجل، ولا النفر الرجل، ولا القبيلة الرجل، قالوا: قد أصبت وأحسنت فارجع، فإن قدم علي وهو على مثل رأيك صلح هذا الأمر، فرجع إلى عليّ فأخبره فأعجبه ذلك، وأشرف القوم على الصلح، كره ذلك من كرهه، ورضيه من رضيه، وأقبلت وفود العرب من أهل البصرة نحو عليّ بذي قار قبل رجوع القعقاع لينظروا ما رأى إخوانهم من أهل الكوفة وعلى أي حال نهضوا إليهم وليعلموهم أن الّذي عليه رأيهم الإصلاح ولا يخطر لهم قتالهم على بال.
فلما لقوا عشائرهم من أهل الكوفة قال لهم الكوفيون مثل مقاتلهم وأدخلوهم على عليّ فأخبروه بخبرهم، وسأل على جرير بن شرس، عن طلحة والزبير، فأخبره بدقيق أمرهما وجليله وقال له: أما الزبير فيقول: بايعنا كرها.
وأما طلحة فيتمثل الأشعار، فقال الأشتر: قد عرفنا رأي طلحة والزبير.
وأما عليّ فلم نعرف رأيه إلى اليوم، ورأى الناس فينا واحد، فإن يصطلحوا مع علي فعلى دمائنا، فهلموا بنا نثب على عليّ فنلحقه بعثمان فتعود فتنة، يرضى منا فيها بالسكون، فقال عبد اللَّه بن السوداء: بئس الرأي رأيت،