للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهب الجذاميّ قد وهب لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم عبدا أسود يقال له: مدعم، وكان يرحل لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فلما نزلوا بوادي القرى انتهينا إلى اليهود وقد ضوى إليها أناس من العرب فبينما مدعم يحط رحل النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم وقد استقبلتنا اليهود بالرمي حيث نزلنا، ولم يكن على تعبئة وهم يصيحون في آطامهم، فيقبل سهم عائر [ (١) ]

فأصاب مدعما فقتله، فقال الناس: هنيئا لك الجنة، فقال النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم: كلا والّذي نفسي بيده، إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لتشتعل عليه نارا فلما سمع بذلك الناس جاء رجل إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بشراك أو بشراكين فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: شراك [ (٢) ] من نار، أو شراكان من نار.

وقال في غزوة حنين [ (٣) ] : [أن رجلا] قاتل قتالا شديدا حتى اشتد به الجراح فذكر للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم، فقال: من أهل النار، فارتاب المسلمون في ذلك، ووقع في أنفسهم ما اللَّه به عليهم، فلما اشتدّ به الجراح أخذ مشقصا [ (٤) ] من كنانته فانتحر به، فأمر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بلالا ينادي: ألا لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وإن اللَّه يؤيد الدين بالرجل الفاجر.

قال المؤلف- رحمه اللَّه-: فدخل الواقدي- رحمه اللَّه- بما ذكر وجه البيان بأن الغالين أربعة:

أحدهم: الّذي نحر نفسه من شدة ألم الجراحة بحنين.

والثاني: الّذي لم يصلّ عليه النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم لما مات بخيبر وهو رجل من أشجع.

والثالث: كركرة قتل بخيبر.

والرابع: مدعم قتل بوادي القرى.


[ (١) ] العائر من السهام: ما لا يدري راميه.
[ (٢) ] الشراك أحد سيور النعل التي تكون على وجهها.
[ (٣) ] (مغازي الواقدي) : ٣/ ٩١٧.
[ (٤) ] المشقص من النصال: ما طال وعرض.